الأحد، 24 مايو 2009

خواطر حرة - الموت

جنون الخواطر – الموت

الخواطر هي عبارة عن فلاش يظهر فجأة ، أحيانا نهملها وأحيانا نقف معها نتدبرها ونتأملها ، حين نهملها نظن أنها ستعاود الظهور مرة أخري أمام عقولنا ولكن هذا لا يحدث إلا نادراً فكثير من الخواطر تتلاشي وتمر مثل البرق الخاطف لذا تظهر أهمية تدوين تلك الخواطر سواء بصورة مجردة لحين النظر فيها أم نتأملها وقتها
أبو الفرج ابن الجوزي له كتاب رائع اسمه صيد الخاطر ولعله أول من نبه إلي هذا ، أي أن الخواطر شديدة التلفت لذا عليك باصطيادها ، ولكن الخواطر دائماً مجنونة ، وأعني بمجنونة أنها متحررة من تلك القيود السخيفة التي نقيد بها طرق تفكيرنا وأنماط حياتنا
فالخواطر دوماً تتجاوز كل القيود

أول خاطرة أحب أن أتكلم عنها هنا هي الموت
ماهو الموت ؟
يحدوني للحديث عن الموت آخر الأحداث
موت الغلام 12 سنة
والحكم علي الرجل الثري وضابط أمن الدولة السابق بالإعدام
وإغتيال المغنية الذي أوعز وحث علي قتلها الرجل الغني

إذن ما هو الموت ؟
الموت هو مفارقة الروح الجسد

الجسد كلنا نعرفه هو هذا الجسم المكون من لحم ودم وعظم
أما الروح فما هي ؟
لا أحد يعرف في الماضي سأل المشركين رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الروح فنزل القرآن يقول أن الروح من أمر الله وأنه ما أوتينا من العلم إلا قليلا

الروووووووووووووح

الروح لا تموت بل خالدة
الجسد يفني يوضع في القبر فتأكله الديدان ويفني
ولكن كيف يتذكر الإنسان ما فعله في حين أن المخ الذي هو محل الذاكرة والعقل يفني ؟؟؟
سؤال عجيب فرض نفسه علي وأنا أفكر في موضوع الموت
ولم أجد إجابة إلا أن تكون الروح من خصائصها أن يطبع عليها أفعال الجسد والجوارح فتحتفظ بصورة مما فعله هذا الجسد أثناء الحياة أو أثناء وجود الروح فيه
فكأنها أي الروح شيء لطيف شفاف حساس بل شديد الحساسية تنطبع عليه آثار أفعال الجسد

في ضوء ذلك فأنت يعني روحك التي بين جنبيك أما جسدك ففاني لذا هل يجمل بك أو يستساغ منك أن تهتم بجسدك وتهمل أمر روحك ؟
هل يجمل بك أو يستساغ منك أن تهتم بهذا الهيكل الخارجي الذي يعتبر عارية غداً ستتركها في التراب وتهمل أمر الروح الخالدة

الموت ...

يمكننا تفسير الموت بطرق شتي وأساليب متباينة فأي حدث في الدنيا لا يوجد به معني ذاتي ، بل نحن من يسبغ المعاني علي الأحداث

خذ مثلا حين يموت طفل صغير لم يرتكب أي جرم لم يبلغ سن التكليف وهو ابن رجل مسلم وأمرأة مسلمة ماذا يعني الموت لهذا الطفل الصغير

وقف طفل يبكي صديق له مات ووقف الأب العاقل يعزي أبنه في مصابه بفقد صديقه الحميم فقال له هل تعرف دودة القز قال الغلام نعم أعرفها فقال له تعرف ماذا يحدث حين تصنع حول نفسها الشرنقة قال إنها تتحول إلي فراشة
فقال له الأب هل يمكن للدودة قبل أن تصنع الشرنقة أن تطير قال الطفل لا ، قال الاب فكذلك صديقك إنه الآن يطير في الجنة ،

فهذا تفسير للموت ولا ينطبق هذا التفسير إلا علي طفل صغير أو رجل صالح فعل ما أمره الله فانتقلت روحه إلي الفردوس تطير هناك

ولكن هذا المعني للموت هو معني الموت في حق الصغير أو الرجل الصالح
ولكن ما معني الموت للأب والأم للجد والجدة للعم
هنا ينتقل الموت من معني إلي معني فإن كان الأب مؤمنا صابرا محتسبا أسترجع واحتسب فقدان ولده قرة عينه ، هنا فإنه يجزل له في المثوبة وكذلك باقي الافراد
وإن كانوا غير ذلك كان الموت هو سيف الله الذي يسلطه علي الجبارين المتكبرين يذيقهم به الألم والحسرة والمرارة ، يقطف به منهم ثمرة فؤادهم ويجعلهم يموتون قبل موتهم مرات عديدة فما أصعب من رجل دفن ولده وضناه ، إنه لشعور صعب ومحنة عظيمة وألم يعتصر القلوب أن تقطف تلك الورود علي حين تشيخ أخري علي أغصانها وتذبل ولا يلتفت لها الموت إلتفاتا حتي تنتن علي أغصانها فيأنف منها الرائح والغادي

إذا كان هذا هو موت غلام بالنظر من زاويتين مختلفتين
فما بالك بموت غانية أو مغنية سواء قتلا أو غير ذلك فأين شهرتها هل نفعتها في تحسين صورة الموت

وأين موت الرجل الثري حين يموت سواء شنقا لقتله أو تحريضه بالقتل ماذا فعل به غناه أين منصبه وأين نياشينه وأين وأين

....

الموت .. الموت .. مازال هذا الموت لغزا مع وضوحه
وغائبا عن الوعي مع حضوره
ومشكوكا فيه مع اليقين به
إنه الموت
ماذا يعني لك الموت ...؟




ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات

شركاء في التغيير

مروا من هنا

Blog Archive

قائمة المدونات الإلكترونية