الثلاثاء، 31 أغسطس 2010

خواطر صائم 33

خواطر صائم 33

هل نحن من الصادقين؟

قال تعالى: "مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً" الأحزاب:23

خواطر صائم 32

خواطر صائم 32

احذر فلسفة البطالين

كلما جد الجد تجده يشتكي ويتذمر ، فإذا قلنا علينا أن نجتهد في العبادة وفي الصلاة وفي قراءة القرآن في هذا الشهر الكريم قال ليست العبرة بكثرة القراءة ولا كثرة الصلاة
وإذا قلنا علينا بالعلم وطلبه في غير رمضان اشتكي وتذمر وقال هناك أشياء أهم
وإذا قلنا بالصدقات والإنفاق قال أخاف ألا أجد من يستحق
وإذا قلنا علينا بكذا وكذا بما يتناسب مع الحال وجدته دائما ما يقول هناك هناك هناك
ولا أدري ماذا يفعل هو إذا ترك هنا وأخذ يبحث عن هناك
أنظر متأملا متعجبا أين هناك هذه التي لا تأتي معه أبداً
لكل وقت واجب ولكل حدث حديث ولكل مقام مقال
فإذا جاء وقت الليل فهذا وقت الرهبنه وإذا سطعت الشمس فهذا وقت الفرسنة
أما البطالين ففي الليل ينامون ويقولون لا أهم من ركوب الفرس ولا أفضل من الفرسان
وفي النهار يقولون متي يحل الظلام حتي يحلي الكلام ولا نأخذ منهم إلا الكلام
كلام في كلام ، وأحلام وأوهام وصدق من قال:
رهبان بالليل فرسان بالنهار
هذا كان شأنهم وحالهم
في الليل تسمع صوتهم ،
صوت أجهش بالبكاء ،
وعلي الخد يسيل دمعهم
وفي النهار علي ظهر الفرس
في الميادين
وفي الحياة
وفي وجه الظلم والطغاة
كل علي ظهر الفرس
العز في جبهته إنغرس
...
وبعد مرور الزمان
نسينا ركوب الفرس
وبعد بُرهة كمان
الليل وقيامه إندرس
وصرنا بالليل نوام
وفي الصباح مفروسين
تحت حافر الفرس

خواطر صائم 31

خواطر صائم 31

كل يأخذ منه ويرد
كثير من الناس يستعمل تلك العبارة بطريقة خطأ فلا نستعملها إلا في الرد يدور النقاش علي كلام لأحد الدعاة أو المشايخ فنذكر خطأ يقع فيه هذا الداعية أو الشيخ فنرفع العبارة ونهدر الداعية والشيخ كلية ولا نترك له أثر
لماذا لا نستعملها في الاخذ وليس في الرد
مثال :
هناك أحد المشايخ المشهورعنه الاجتهاد في العبادة والصلاة فقلت لصديق لي هيا فلنصلي معه فاحتد علي وقال إنه لا يفعل شئ إلا الصلاة وأين باقي أبواب الدعوة والعلم ، طيب نحن نختلف معه في أبواب كثيرة لكن باب الصلاة والاجتهاد فيها لا نختلف معه فيه فلماذا لا نتعلم منه الصلاة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هذا ما أريد أن أقول عليك بتجميع حسنات المحسنين ، فتعلم من كل رجل ما يحسنه واجعله شيخك وقدوتك في هذا الباب فقط

خواطر صائم 30

خواطر صائم 30

الحمد لله
في التشهد من نفس الصلاة السابقة وعن يساري سمعت من يفرقع أصابعه في التشهد لا ليس طفل أو غلام بل شاب طويل عريض في التشهد يفرقع أصابعه ماذا أقول
قلت الحمد لله الذي علمني
الحمد لله الذي أرشدني وفهمني
وتذكرت كيف أن هناك من سيسأل في قبره من ربك وما دينك ومن نبيك ؟؟؟
ويقول ها ها لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته
أياك أن تكون من هؤلاء الذين يفعلون لأنهم يرون الناس يفعلون فيقلدونهم
بل عليك بالعلم ثم العلم ثم العلم
العلم لماذا تصلي ولمن تصلي وكيف تصلي
كل منا يقف يصف قدماه ويقول الله أكبر
من منا تشبه صلاته صلاة النبي محمد صلي الله عليه وسلم
لا أقصد الهيئة فقط
بل أقصد الخشوع مع الهيئة
الله المستعان اللهم علمنا الخشوع كما علمتنا الهيئة

خواطر صائم 29

خواطر صائم 29

الحمد لله
وأنا ساجد سمعت أنفاس تتقطع تلهث تتبعت الصوت بأذني إنه جاري في الصف رجل يقف علي يميني في الصف به سمنه يصعب عليه السجود فلا يتحمل قلبه إطالة السجود بسبب بدانته وحين يقوم من السجود وتنتهي الركعتين يسارع ليجلس علي كرسي وضعه خلفه
الحمد لله هذه الكلمة التي يجب أن أقف عندها أنه لم يحرمني من السجود بل أعطانيه هبة ومنحة وعطية
استمتع بالسجود دون إعاقة من مرض
الحمد لله فهناك من حرم من متعة السجود بسبب المرض وهناك من حرم من متعة السجود بسبب الغضب
فهناك من حرمه الله متعة السجود بالمرض وأعطاه ثواب الساجدين إذا تحسر علي حاله أنه لم يكن من الساجدين
وهناك من غضب الله عليه وحرمه من السجود مع وافر الصحة بل تركه في غيه ولهوه
فالحمد لله أن أعطاني الصحة والعافية ووفقني للسجود والحمد لله أن أراني من هو يتشوق للسجود ولا يستطيع

خواطر صائم 28

خواطر صائم 28
ومضي من الليل أكثره

ومضي من الليل أكثره
ولم يبق إلا القليل
وسمعت النداء
أن أزف الوقت
وحان الرحيل
وتوسلت إلي ربي
أن يبارك لي فيما
بقي من القليل
وسارعت بالدمع أسكبه
بين يدي الموقف الجليل
عسي أن يبلغ عني دمعي
ما أنا فيه من تقصير
ويبين حالي
حيث عجز مقالي
فهل يكفي الدمع
في مثل هذا الموقف الخطير
.....................
ومضي من الليل أكثره
ولم يبق إلا القليل
وناديت بأعلي صوتي
يا الله
أشكو قسوة
أشعر بحسرة
أندم
أعلم أني لا أعلم
أعلم أني كنت في قول الحق أبكم
وفي سماعه أصم
ومضي الزمان سريعا
أتذكر
نعم أتذكر نداءاتك لي
نعم أتذكر الايام الخوالي
حين كان قلبي خالي
يا الله
عبدك مذنب ومقصر
فهل تأذن لي في توبة
.........................
ومضي من الليل أكثره
ولم يبق إلا القليل
وانتبهت مذعورا
كيف مضي الليل
وأين كنت
وماذا فعلت
وهل أستطيع أن ...
هل ممكن أن ...
يارب أعني
يارب وفقني
يارب أقبلني
يارب
يارب
يارب

الاثنين، 30 أغسطس 2010

خواطر صائم 27

خواطر صائم 26

خواطر صائم 26

قال الله تعالي


"قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين"

خواطر صائم 25

خواطر صائم 25

والعصر
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
"والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصو بالحق وتواصوا بالصبر"

خواطر صائم 24

خواطر صائم 24

خليك أناني
في الثلث الأخير من رمضان خليك أناني ركز في وردك وصلاتك وعبادتك وراجع كشف حسابك مع الله عز وجل عسي أن يعفو عنك

الأحد، 29 أغسطس 2010

خواطر صائم 23

خواطر صائم 23

أوراق منسية

حين وجدت 150 جنيه وأنا أبحث عن كتالوج البوصلة ظننت ان هذا هو كل ما وجدته ،اليوم وأنا أنظر علي مكتبي أجد مجموعة من الاوراق التي كانت نائمة في الادراج بفضل البحث عن الكتالوج خرجت تتنفس خارج الدرج وفي تلك الاوراق كانت تلك الكلمات التي لا أعرف من أين أخذتها

يجب أن تكون الشخص الذي لم تجرؤ يوما أن تكونه ، عندها ستعلم أن هذا الشخص هو ذاتك الحقيقية

من أراد أن يبلغ أهدافه فعليه أن يكون مستعدا لتحمل جرعة يومية من الالم والشعور بالضيق ( كما في الرياضة )

إذا أردت أن تسير قدما في الحياة ، فعليك أن تعرف الفرق بين ما هو جيد وما هو أفضل

لا يعرف الكائن البشري نفسه حقاً إلا حين يبلغ حدوده القصوي

ترويض الألم هو جواز السفر إلي الحرية

عندما لم يعد لدي ما أفقده نلت كل شئ

عندما توقفت عن أن أكون ما كنته وجدت نفسي

ترويض الروح يمر عبر ترويض الجسد
.................
وكلام آخر وجدته ليس هنا موضع ذكره ولكني ندمت ، ندمت أني لم أكتب علي تلك الاوراق قائلها ومن أين نقلتها ، فللكلام تأثير كالسحر ولاتتم التعويذة إلا بمعرفة القائل



الخميس، 26 أغسطس 2010

خواطر صائم 22

خواطر صائم 22

ياربي

رفعت يدي إليك
ووجهت وجهي إليك
وناديت بكل صوتي
قائلا ياربي
.......
هاهي أيام الخيرات
ها هي أ وقات سكب العبرات
ها هي أيام المناجاة
............
من له طلب فليتقدم به
من له حاجه فليسأله عنها
من له رغبة أو رهبة
هذا وقت قضاءها أو زوالها
............
ياربي لي عندك حاجة
عجز لساني عن وصفها
أنت تعلمها
فأنت تعلم ما في نفسي
اللهم أرزقنيها
اللهم نولنيها
اللهم يسرها لي
وقوني عليها
..........
ياربي
ما أجملها من كلمة
ياربي
ما أجملها من معني
ياربي
أنت ربي
ربيتني بالنعم ورزقتني كل شئ
وما أطلبه لا يعجزك
أعلم أني لا أستحقه ولكنك كريم
أعلم أني مقصر ولكنه رحيم
أعلم أني مذنب ولكنك غفور
......
ياربي
سأظل ببابك واقفا
حتي تأذن لي بالدخول
..........
ياربي
سيظل الدمع جاريا
حتي أنعم بالقبول
............
ياربي
سيظل القلب حائرا
حتي تأذن بالهداية
.................
ياربي
اشتقت إليك
وندمت علي البعاد
..............
ياربي
أرقتني ذنوبي
وأرقني اللهاث وراء الحطام
ولم أجني من لهثي وراء دنياي
إلا الظمأ وانقطاع الانفاس
..................
ياربي
إنك عفو تحب العفو
وأنا مذنب وأطلب العفو
فاعف عني

خواطر صائم 21

خواطر صائم 21

إغلق الترمس
بالأمس وبعدما صنعت الشاي ووضعته في الترمس وانشغلت بتحضير الافطار فجأة نظرت علي الترمس لأجد أنني نسيت أن أغلقه بعدما وضعت الماء الساخن علي ورق الشاي بالبرجموت فأسرعت ووضعت الغطاء والحمد لله لم يكن فات وقت طويل مجرد دقيقة أو أكثر
ولكن الحدث أفزعني فربما لا أغلق الغطاء الذي يحافظ علي حرارة إيماني فتتسرب ولا يبقي معي بعد ذلك إلا إيمان بارد شاحب إيمان نظري ليس لدي ما يكفي من حرارة ليجعله ينبض بالحياة
هل فعلا أفعل ذلك
هذا سؤال يجب أن أقف عنده طويلا

خواطر صائم 20

خواطر صائم 20

أين الكتالوج
بالأمس جائني تليفون حثني علي إحضار البوصلة والكتالوج لتحديد القبلة حيث أن المكان جديد ولا نعرف القبلة بالضبط ، قلت حاضر أما البوصلة فمكانها سهل ومعروف في درج لدي به كل الحبشتكنات
ولكن أين الكتالوج ؟
هذا هو السؤال لا أعرف أين الكتالوج قمت بالبحث في أدراج لم أمد يدي لها من سنوات طويلة وفي أول درج وضعت يدي لأبحث عن الكتالوج وجدت ظرف أبيض والاظرف عندي بكثرة ولكني فتحته لماذا لا أعرف
لأجد به مبلغ من المال ثلاث ورقات من فئة 50 جنيه يعني 150 جنيه
الحمد لله الواحد اليومين دول في حاجة لكل مليم وهذه 150 جنيه رزق بلا توقع ، كنت ناسيهم من سنوات في هذا الظرف
دفعني الحدث دفعا للتفكر هل هناك أظرف مقفولة في حياتي لم أفتحها بعد
والأظرف المقفولة هي هبات من الله وعطايا معي ولكني لم استعملها ، لم أستعملها لأني لم احتجها أو لم أعرف أني أملكها سؤال مجرد سؤال سألته لنفسي وأدعوك لتسأله لنفسك
هل لديك أظرف مغلقة ؟
ألم يأن أن تفتح تلك الاظرف المغلقة ؟

إبحث عن هدايا الله وعطاياه التي انشغلت عنها وسعيت وراء غيرها فلقد أعطاك الله ما تحتاجه ولكنك تبحث عما لا يفيدك ، ففي نفسك خبأت الحقيقة وسيدهشك الزمان بعد مروره أنك كنت طواله عابثا بسعيك ولهثك وراء أشياء في صدرك ما به غني عنها

الثلاثاء، 24 أغسطس 2010

خواطر صائم 19

خواطر صائم 19

انتصف الشهر

انتصف الشهر
وقرب من الرحيل
كيف كانت صحبتك له
كيف مرت عليك أيامه ولياليه
كم مرة بكيت وبللت دموعك لحيتك
أو تساقطت علي وجنتك

انتصف الشهر
وقرب من الرحيل
واشتد العزم لأولي العزائم
واشتد الجهد لأولي البصائر
واشتد الشوق لللقاء الكبير

انتصف الشهر
وقرب من الرحيل
مر كأنه نسمات
عاشه من عاشه
ومن فاته فكأنه مات


انتصف الشهر
وقرب من الرحيل
هل شبعت من القرب
أم أنك ما زلت بعيدا
هل زالت شقاوتك
وأصبحت سعيدا

انتصف الشهر
وقرب الرحيل
ما فات فقد فات
وما آت فهو آت
فهلا شمرت عن ساعد الجد
فمن جد وجد
ومن باع الدنيا لآخرته فقد حصد
ومن وقف بالليل للحور فقد خطب
ومن نام الليل أو في اللهو سهر
فقد ضيع العمر وكأنه انتحر

انتصف الشهر
وقرب من الرحيل
هيييييييييييييييييييه
إصحي بقي
وبطل عمل البطالين
وقم في الليل يامسكين
ركعتين في جوف الليل
هذا كل ما تريد
يراك الله فيهما خاشعا
فيعفو عنك
هل صعب عليك ذلك
فالطريق يطلب السالك
فاسلك ولا تكن هالك

انتصف الشهر
وقرب الرحيل
ولن تبقي إلا تلك اللحظات
التي عشتها مع الله
وفي الله وبالله
وما سوي  ذلك
ستندم اشد الندم
وينقلب حسرة وألم
كل ما ضيعته من أوقات
في لهو أو لعب
أو حتي في سكات

انتصف الشهر
وقرب الرحيل
يانفسي
ألم يأن أن تتوبي
من تلك الذنوب
ياعيني
ألم يأن أن تبكي
علي تلك الخطوب
ياقدمي
ألم يأن أن تقف
 وتنتصبي
في المناجاة
وفي الصحبة والمعية
والقرب من رب البرية

انتصف الشهر
واقترب الرحيل
يالله ناديتك فأجبني إلي سؤلي
لدي لك حاجة ومسألة
أن لا تتركني
أمضي ما بقي من أيامي
كما أمضيت

ياالله لا تتركني وحدي
أصارع الهوي وأصارع النفس
وأصارع كل ما يبعدني عنك

ياالله إن لم يدركني عفوك
وتدركني رحمتك
خبت وخسرت
يا الله لا ملجأ لي غيرك
ممن أطلب التوبة
وممن أطلب الصفح
وممن أطلب الهدي
وممن أطلب التوفيق والسداد
وممن أطلب المغفرة
وممن أطلب الستر

يا الله إنك تعلم
ليس لي غيرك
مهما كثر حولي الصحب
مهما كثرت بيدي الاموال
مهما كثر لي من ولد
ليس لي غيرك
فكل ماسبق أنت أعطيتنيه
يارب اسبغ علي نعمك
وأكفلني برحمتك
وألهمني ما يرضيك عني
وأبعدني عن كل ما يغضبك مني

يارب لا تجعل ما بقي من الشهر
كالذي مر
يارب أرزقني لذة المناجاة
وحلاوة الخلوة بك
ونعيم الذكر وجنة الرضا
اللهم أرزقني البصر لأنظر في كتابك
وارزقني البصيرة لأفهم معانيه
وارزقني القوة لأعمل بما فيه
وارزقني القبول للدعوة إليه

انتصف الشهر وقرب الرحيل
يارب لا تتركني أخرج كما دخلت
يارب لا تتركني أخرج كما دخلت
يارب لا تتركني أخرج كما دخلت

خواطر صائم 18

خواطر صائم 18
علي قبر صلاح الدين
جلس يبكي وهو حزين
وغلبه النوم فنام
وفي المنام رأي أٌقوام
من كل عصر
ومن كل مصر
في أيديهم السيوف
وعلي جباههم العز معروف
وكانوا بالألوف
قالوا له لماذا تبكي ؟
قال أبكي أني لم أكن في عصركم
أو من مصركم
قالوا لا تبكي
لكل عصر رجال
ولكل مصر أبطال
قم واحمل سيفك
فلست مهزوما ما دمت تقاوم

الاثنين، 23 أغسطس 2010

خواطر صائم 17

خواطر صائم 16

خواطر صائم 16

النقطة المرجعية
زارني أحد الأصدقاء فوجد لعبة علي مكتبي فقال لي أنت اشتريتها منين فأهديتها له واعتذرت علي أنها مستعملة ، وبعد فترة ذهبت لأشتري بدلا منها ، فهي تساعدني علي التركيز حين أود أن أفضي ذهني و كنت اشتريتها من محل لعب أطفال متخصص وكان سعرها زهيد ثلاث جنيهات ونصف ذهبت لسيتي ستار لأجد اللعبة في محل هناك معروضة بحوالي 70 جنيه طبعا موضوعة في علبة شيك وجودتها أعلي
ذهبت للمحل الذي كنت اشتريت منه سابقا لم أجدها ولكني وجدت نفس اللعبة اللي تباع ب70 جنيه في سيتي ستار ولكنها هناك ب32 جنيه عندها شعرت أنها مش غالية قوي بالنسبة لسعر سيتي ستار فاشتريتها ثم ذهبت للتوحيد والنور لا شتري أشياء أخري لاجد اللعبة اللي اشتريتها ب32 جنيه وتباع في سيتي ستار ب70 جنيه تباع هناك في التوحيد والنور ب14 جنيه فقط نفس الجودة
رجعت الغالية اللي ب32 واشتريت أكثر من واحدة من التوحيد والنور
الشاهد من القصة هي تغير النقطة المرجعية
اللعبة ثمنها ثلاث جنيهات ونصف هذا هو سعرها العادل لما رأيتها ب70 جنيه في سيتي ستار تحركت النقطة المرجعية لأعلي لتصبح 70 عندما لم أجد بثلاث جنيهات ووجدت ب 32 جنيه ساعتها 32 بالنسبة 70 أرخص
ولما وجدت ب14 كانت لقطة في حين أني كنت أشتريها بثلاث جنيهات ونصف
فمن جعل هدفه ختم القرآن ثلاثين مرة فهذه نقطة مرجعية عالية فختم مرتين وثلاث وسبع يصبح عمل قليل
في حين من يجعل ختم القرآن مرة أو مرتين هدفه يصبح ثلاث أمر مستحيل هذا بالنسبة للقراءة في رمضان مثلا
ولك أن تتخيل تحريك نقاطك المرجعية دائما لأعلي في كل شئ وأثره عليك وعلي الواقع وعلي الأمة
هذا ما نريده نقاط مرجعية عالية ونبذ ثقافة أحسن من مفيش

الخميس، 19 أغسطس 2010

خواطر صائم 15

خواطر صائم 15

الصيام والصلاة
اليوم حاسس إني خلصان مش قادر خالص جلست تحت المروحة يداعب خيالي كوب التمر باللبن البارد وكان هذا أقصي أماني في تلك اللحظة وبينما أنا كذلك تذكرت حوار دار بيني وبين أحد أساتذتي وهو أستاذ الرياضيات التطبيقية بجامعة عين شمس حفظه الله وكان يقول لي الصيام أم الصلاة أيهما أهم
وكان السؤال غريب نوعا ما علي في ذلك الوقت ، مقارنة العبادات وأثر كل منها في حياتنا
فقال لي الصلاة عبادة إيجابيه تقوم وتتوضأ وتصلي
أما الصيام فعبادة سلبية تمتنع عن الأكل والشرب
ثم عقب بشئ نسيته
اليوم اتذكر كلماته واتسائل هل لذلك الصيام مطلوب مرة في العام بينما الصلاة كل يوم 5 مرات
أي أن الفعل الايجابي الذي نتحرك فيه ونفعل مطلوب كل يوم يل كل يوم عدة مرات ، بينما الفعل السلبي مطلوب بصورة أقل

خواطر صائم 14

خواطر صائم 14

وعرفت الحقيقة
بالأمس بعد صلاة المغرب راودتني نفسي أن أذهب مشوار إلي وسط البلد كنت أرجأه من فترة وبينما أنا متردد إنقطع التيار الكهربائي وبالتالي لن استطيع الصلاة خلف المنزل فارتديت ملابسي ونزلت إلي وسط البلد

وقبيل المسجد بمسافة أستوقفني رجل ليسألني عن شئ وفي النهاية عرفت أنه يطلب مساعدة ليسافر أعطيته القروش القليلة التي كانت في جيبي فكه ثم تركته لأصلي وقبل دخول المسجد فكرت في هذا الرجل كيف أن الله كتب له قروش قليلة علي يد رجل من مدينة نصر فينقطع التيار ليلبس هذا الرجل وينزل تلك المسافة ليعطي للرجل رزقه الذي قدره الله له

دخلت المسجد ، المسجد من مساجد زمان القبة العالية والمسجد فسيح ورائع الجمال وكان الشيخ صوته طيب وكانت صلاة جميلة وبينما أن أجلس في المسجد خرجت خارج نفسي لأنظر إليها في هذا المسجد الفسيح
فلم أري إلا قزم ، نعم قزم يجلس في أحد أركان المسجد تلك هي الحقيقة أننا أقزام ولا نشعر بقزميتنا إلا لأننا نجلس في أماكن ضيقة وعندما نجلس في أماكن الأوائل نظهر بحجمنا الطبيعي (القزمي )
نعم نحن أقزام بجينات العمالقة ولكن علينا تفعيل تلك الجينات لنستعيد حجمنا الأصلي الذي كان عليه أجدادنا الأوائل

الأربعاء، 18 أغسطس 2010

خواطر صائم 13

خواطر صائم 13

لكل يوم عمله
أسوأ شئ أنك تجلس تؤنب نفسك علي يوم فاتك وقصرت فيه سواء في وردك وعبادتك أو عملك أو أي شئ فتفوت عدة أيام أخري حزنا وكمدا علي يوم قد فات
انتبه فمع شروق الشمس لكل يوم تبدأ دورة الحياة من جديد ويتجدد العمل
لكل يوم عمل فإذا فاتك يوم ضعه جانبا وأستأنف المسير حتي لا يفوتك غيره ولا تفكر فيه مطلقا إلا إذا أنهيت عملك اليوم مبكرا عندها يمكنك تدارك بعض ما فاتك وإلا فلا

خواطر صائم 12

خواطر صائم 12

وفاتني القطار
جلست في المحطة انتظر أي قطار يقلني إلي القاهرة ، كنت أجلس في محطة الاسكندرية وكانت تبدو لي محطة غريبة فرصيفها أصغر من رصيف القاهرة وطنطا ولكنه رصيف متحرك دائم التحرك حسب نوع القطار وميعاده وتوجهه وبالتالي كنت واقف تايه ، إذ لا يكفي أن تعرف ميعاد القطار بل عليك أن تعرف ما هو الرصيف الذي سيقوم منه القطار ، كما أن القطار يأتي قبل قيامه بقليل
وفي هذا الجو من الحيرة والتردد والقلق وجدت رجل ينظر إلي وعرف أني أريد أن أذهب إلي القاهرة وكان هناك قطار بعد بضع دقائق والتالي له بعد ساعة فعرض لي شفقة منه أن يعطيني تذكرته في القطار القادم علي أن أعطيه ثمن التذكرة مضافا إليها 2 جنيه أو 3 جنيه وسيقوم هو بنتظار القطار التالي
أخذت أفكر في العرض وفي تلك الأثناء كان القطار يدخل المحطة فقلت له موافق واعطيته 2 جنيه ومسكت التذكرة بيدي وأنا أفكر وأخذت أمشي في اتجاه القطار ببطء وأنا شارد الذهن أو قول بفكر
وفجأة شعرت بأن القطار بدأ يتحرك ولم أكن وصلت إليه بعد وسمعت صوت ضحكات الررجل الذي باع لي التذكرة وقال يا عيني عليك يا إيهاب دفعت 22 جنيه وفاتك القطار
قلت له بس أنا لم اشتري التذكرة بعد أو أنا اشتريتها بشرط أني ألحق القطار ولم أكمل هذه الجملة حتي حسب عقلي عدة حسابات فوجدت نفسي أجري لألحق القطار وكففت عن مجادلته وفي أثناء الجري قلت طيب لو لحقت القطار كيف أدفع ثمن التذكرة فأخرجت من جيبي 20 جنيه وقذفتهم للرجل وأنا أجري ولكن القطار كان يسرع
نظرت إلي سائق القطار وشاورت له أن يبطء من سرعته حتي ألحق به لكنه لم يستجيب
وفي النهاية ذهب القطار ولم ألحق به بعدما دفعت ثمن التذكرة مضافا إليها 2 جنيه زيادة
وفجأة استيقظت من النوم لأجد أنه مجرد حلم مزعج فأنا في القاهرة ولست في الاسكندرية ولا توجد أي قطارات ولا توجد محطة متحركة دائمة التحرك
هل فعلا لم يفوتني أي قطار أم أن القطار المقصود في الحلم هو ؟؟؟؟؟؟؟
والرصيف المتحرك هو ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وأنت الآخر انتبه للقطارات اللي ممكن تفوتك فالحلم لي ولك وللجميع



خواطر صائم 11

خواطر صائم 11

خلي سقفك عالي

سقفك هو الحدود القصوي لنموك وكلما علا السقف كلما كانت فرصتك في النمو أكثر ، لذا أصر علي أن نضع مستهدفات عالية في العبادة في رمضان وليس الأمر خاص بالعبادة وليس الأمر خاص برمضان
ولكنه تدريب فمن يجعل هدفه ختم القرآن في رمضان 30 مرة ثم يختمه 20 مرة أو أكثر أو أقل سيعتاد علي تلك المهمات وعلي هذا المستوي من علو الهمة ، أما الحديث عن الحد الأدني وأحسن من مفيش فلقد انتهي ذلك الزمان لم يعد يسعنا إلا أفضل ما نستطيع وتحريك هذه الاستطاعة دائما لإيجاد مستوي جديد من التحدي ومن العمل
هيه بقيت في الختمة الكام ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

خواطر صائم 10

خواطر صائم 10

ومصمصنا شفايفينا
كنت في زيارة لأحد أصدقائي و أنا عنده جاءت قطته وهي قطة جميلة وأخذت تتمسح بي قلت له أنا بغير أنا من الحاجات دي فقال لي أنت بتخاف من القطط قلت له لأ بس بغير ، فقال لي دي حاجة غريبة ليس من عادتها أن تتمسح بأي أحد غريب وفعلا أنا أول مرة أري فيها القطة وتراني ، ثم حكي لي حكاية غريبة عن القطة فقال لي يبدو أن الصلاة فيها هالة غريبة ، إذ بمجرد دخولي في الصلاة أجد القطة تعمل حركات غريبة وتتمسح بي وأشياء من مثل ذلك
قلت له بل لعل الشيطان وزها عليك لتخرجك من الخشوع في الصلاة
ثم سألته هل تفقد تركيزك في الصلاة وخشوعك وتتابعها فسرح في كلامي برهة وقال نعم
إذن الموضوع مش موضوع هالة للصلاة أو غيره
وتلك القصة تعكس حالة تنتاب الناس جميعا وهي حالة مصمصة الشفاه فنحن ننظر وننتظر الأحداث لكي نمصمص في شفايفنا وهذا للأسف نتيجة لعدم توجيه من يتحدث عن الإعجاز في القرآن والسنة
فلقد تعود الناس علي سماع المعجزات ثم مصمصة الشفايف وخلاص وانتهي الموضوع ،

خواطر صائم 9

خواطر صائم 9

حفلة زار

زمان كان فيه حاجة اسمها حفلة زار وكانت عبارة عن حلقة تدور فيها النساء مع التفقير في وجود طبلة ورتم معين يدق عليها وبعد فترة تقع النساء من الإعياء وقد انحل جسدهم وبعدها يشعرون براحة نفسية
وكانت تعقد حفلات الزار لمن يعتقدون أنها ممسوسة أي راكبها عفريت أو جان ، والصوفيه عندهم التفقير نفسه في الموالد مع رتم يستخدمونه من لفظ الجلالة (الله) وأحيانا يقتصرون علي لفظ ( هو هو )
ومن يتأمل في الرقص الغربي الحديث يجده أشبه شئ بحفلة الزار وفعلا بعد هز كل الجسم في تلك الحركات يجد المرء نفسه منتشيا أو في راحة نفسية ، وفي أبحاث ذكرها مالكولم غلادويل في كتابه الرائع التفكير اللماح قال أنه قامت مجموعة من الباحثين بسؤال بعض الطلبة عن زيادة الاسعار ولكنهم قسموا الطلبة إلي فئتين فئة تضع سماعات في أذنها وتهز رأسها وأخري لا ، وكانت النتائج أن المجموعة التي تهز رأسها أكثر قبولا من المجموعة الأخري
والسؤال الذي أود أن أطرحه علي حضراتكم هو هل حول الدعاة الصلاة في رمضان كنوع من حفلات الزار ؟
ففي رمضان تجد الناس تذهب إلي الصلاة وتبكي ( وتعيط ) ثم يرجعون إلي منازلهم ولا يتغير أي شئ ، وكأنهم فكوا نفسهم بشوية العياط دول ( البكاء) وهذا ما تفعله حفلات الزار
إذن الضابط في أي شئ هي نتيجته – هذا طبعا بعد الاطمئنان إلي مشروعية الفعل – ولدينا الواقع المر حاكم علي نتائج سلوكياتنا

الثلاثاء، 17 أغسطس 2010

خواطر صائم 8

خواطر صائم 8

بورصة رمضان

في العام الماضي كانت الارباح التي حققتها إحدي القنوات التلفزيونية 200 مليون جنيه في رمضان فقط
كيف حققت ذلك الرقم ؟
من الإعلانات
والإعلانات هذه موجهه لجمهور المشاهدين الذين تركوا المضاربة في رمضان وجلسوا تضارب عليهم القنوات التلفزيونية
القنوات تكسب الملايين وأنت تخسر رمضان
تخيل قيمة وقتك في رمضان كيف يحقق منه الناس فلوس بالملايين وسعادتك لا تدرك أهميته تتركه لهم يعبثون به ويربحون منه
فوق وإصحي وضارب في بورصة رمضان
وأفضل حاجة تربحك هي الصلاة وقراءة القرآن وكل أعمال البر
مين قال أضارب ؟؟؟؟؟؟؟

خواطر صائم 7

خواطر صائم 7

جرب

جرب تتصدق قبل الصلاة
جرب تتوضأ قبل الصلاة بوقت كافي وتتفكر أثناء غسل كل عضو من أعضاء الوضوء كيف أنك بغسل هذا العضو تتطهر من الذنوب التي اقترفتها ، ولماذا شرع الله غسل تلك الاعضاء بالذات ولماذا هذا الترتيب بالذات
ثم تسوك وتعطر واذهب إلي المسجد
جرب تبكر إلي المسجد قبل الآذان
جرب أن تصلي في الصف الأول خلف الإمام
جرب أن تفضي ذهنك قبل قول الله أكبر ودخولك في الصلاة
جرب تفكر في كلمة الله أكبر التي تفتتح بها الصلاة أو تحرم بها وتدخل في الصلاة ، فلا تدخل في الصلاة حتي تقول الله أكبر فماذا تعني الله أكبر
جرب أن تصلي لوحدك بالليل وأن تطيل الصلاة
جرب تصلي في ركعة واحدة بالبقرة وآل عمران والنساء و...
جرب تختم القرآن مرة في اليوم والليلة

خواطر صائم 6

خواطر صائم 6

أضم صوتي

في صلاة التراويح بالأمس وبعد أربع ركعات جلس الإمام يحدث الناس وبعد حديثه الذي لم أتذكر منه شيئاً جاء وقت الأسئلة ومن الأسئلة كم مرة ذكرت كلمة الزقوم في القرآن
طيب ذكرت مرتين
ما هي الفائدة التي تعم علي الامة بمعرفة أن كلمة الزقوم ذكرت مرتين ؟
لا أدري
هذه هي الاسئلة التي يسأل الدعاة الناس عليها ويطالبون الناس بمعرفتها
لذا أضم صوتي لأحد الاساتذة في الازهر الشريف الذي طالب أن يُختبر الدعاة إختبار ذكاء
ولك أن تتخيل الدعاة في اختبار الذكاء كم ستكون نتيجتهم !!!!!؟؟؟؟

خواطر صائم 5

خواطر صائم 5
اتبع البوصلة

في رمضان عليك بمراقبة البوصلة جيدا ومتابعتها فلا توجد قاعدة محددة يجب أن تسير عليها إلا ما يتوافق مع البوصلة
البوصلة هي قلبك
متي وجدت نفسك تنشط لعبادة ما عليك بها
إذا نشطت نفسك للصلاة في المسجد البعيد اذهب إليه
وإذا نشطت نفسك للمسجد القريب صلي فيه
في المسجد اللي بيطول خيرا وبركة
في المسجد اللي بيخفف ماشي
إذا نشطت نفسك للقراءة والإكثار منها الحمد لله
إذا نشطت نفسك لسماع القرآن بها ونعمة
الحاصل أنك تلحظ قلبك أين تجده وكيف تجده فهذه هي العبادة وإياك ثم إياك وحال البطالين وهم الذين تركوا ما سبق وجلسوا يتسامرون ويضيعون الوقت

الاثنين، 16 أغسطس 2010

خواطر صائم 4

خواطر صائم 4
مقاومة الإغراءات

في رمضان منذ بضعة أيام اشتريت 5 كتب ومنها ثلاث كتب عناوينها مثيرة جدا ومع ان إثنين منهم كتب صغيرة الحجم ممكن قراءتها في ساعتين مثلا إلا إنني قاومت الإغراء بقرائتها علي الأقل حتي الآن فرمضان أركز علي قراءة القرآن وما يمكن تأجيله لبعد رمضان فليس من الأولي الاشتغال به في رمضان
الإغراء الثاني الذي أحاول مقاومته هي أكل الحلويات بعد الإفطار أريد أن أستفيد بصيام رمضان في هذا الحر في رجوع جسمي إلي لياقته
ففي يوم أفطرت عند والدتي وعزموا علي بطبق الحلويات اللي بالكم فيه فقلت لأ طب خذ عصير برده لأ وشربت ماء كثير جدا أعوض ما فقدته في الحر ، وعند حماتي برده لم أ تعرض لصينية الكنافة بأي أذي يدوب ذقتها قطمة أو قطمتين ولا أدري إلي متي أستطيع مقاومة تلك الإغراءات
الله المستعان

خواطر صائم 3

خواطر صائم 3

من عدة سنوات كنت أصلي التراويح في أحد المساجد المشهورة بالتطويل في بلدة ما ووقف بجواري رجل ليس من أهل المسجد فأهل المسجد لهم سمت مميز كما أنهم معتادون علي تلك الصلاة في رمضان وحمي الوطيس وأخذ الإمام في البكاء بعد صلاة طويلة وأخذ الناس بالبكاء وعلا صوت البكاء وفي هذا الزخم من النوح والبكاء وجدت الرجل الذي بجواري يبكي وينتحب هو الآخر ويقول آه ياني ياأمه وبعد الصلاة توجه إليه أحد رواد المسجد وقال له صلاتك باطلة لإنك قلت آه ياناي يا أمه
فصرخ الرجل وقال كمان ، يعني بعد هذه الصلاة الطويلة تطلع باطله
ملحوظة : ليس من السنة الصراخ في الصلاة والنشيج والبكاء والعويل

خواطر صائم 2

خواطر صائم 2


ذهبت لصلاة التراويح في مسجد وكانت قرعتي بجوار رجل أتي المصلي ومعه سجادة خاصة به ولقد فرشها أمامه وأخذ يصلي عليها ، وبين حين وآخر يضطرب الصف بخروج أحد المصلين من الصف ( كخروج أحد المصلين بين الركعات للشرب مثلاً) مما يقتضي أن نتحرك لنضبط الصف سواء يمينا أو يسارا وصاحبنا واقف متنح لا يريد أن يتحرك قيد أنملة منحرفا يمينا أو يسارا بعيدا عن سجادته ونسي أن ضبط الصف وتسويته من إقامة الصلاة
هذا وأمثاله لا يذهبون للصلاة لأنها عبادة بقدر ما إنها متعة شخصية وراحة نفسية أو منظر فذهابك للمسجد وبيديك المصلية منظر وبرستيج برده ، ومثل هذا يذهب كثير من الناس للحج كل عام والعمره عدة مرات في السنة
يجب أن لا تنسي أنها عبادة وإلا كان حظك منها طول القيام وتوجع الأقدام والله المستعان

خواطر صائم

خواطر صائم

كل رمضان كان معظم وردي من القراءة يكون بالليل ولكني لا حظت هذه السنة أن الليل قصير جدا ففي أول ليلة كان حصيلة القراءة ضعيفة جدا بالنسبة للورد الإجمالي لليوم ولكني بالنهار بفضل الله ورحمته استطعت أن أعوض جزء كبير من الورد ، وأصبح أكبر جزء من الورد يتحقق بالنهار وليس بالليل وفي هذا لطيفة أود أن أذكرها ، فرمضان هذا العام رمضان مميز جدا فلقد أتانا في الصيف وليس أي صيف بل صيف أصلي لم نره من قبل لذا طوال اليوم يصارع المرء العطش والحر وينتظر بفارغ الصبر ساعة الإفطار هذه حال كثير من الناس ، ولكني حيث كان معظم الورد يتحقق في النهار أصبح لدي صراعان صراع مع الوقت حتي أنجز الورد وبالتالي أتمني أن يمضي الوقت ببطء حتي أقرأ أكبر قدر ممكن من كلام الله عز وجل وصراع آخر مع العطش والحر وفي غمرة القراءة أنسي العطش والحر وأتمني أن يطيل الله اليوم لأتمكن من قراءة وردي ، فإذا ما انتهي اليوم حمدت الله علي تعجيله للفطر وأنه أطعمنا وسقانا

الثلاثاء، 10 أغسطس 2010

الأقدار

الأقدار

عجيب جداً أمر القدر ، فلقد قُدر علي كل بن آدم نصيبه من كل شئ مدرك ذلك لا محالة ، قدر عليه نصيبه من الفرح والسعادة وكذلك الحزن والشقاوة والألم
قدر عليه نصيبه من الغني أو الفقر
الصحة أو المرض
كل شئ قد قُدر في سابق علم الله والانسان مدرك ذلك لا محالة
العجيب في ذلك هي لماذا يسعي الإنسان إلي إدراك شئ بالحرام وهو في قدر الله من نصيبه فلو صبر الإنسان علي المحرمات لنالها في الحلال
والعكس بالعكس حين يأخذ العبد ما لا يحل له يُحرم بنفس النسبة مما هو من نصيبه من الحلال
حتي النظرة ينظرها الرجل لإمرأة لا تحل له يفقد بها من استمتاعه من جمال إمرأته بنفس القدر ، وعلي هذا فقس
فالمدير المرتشي هو عند الله من الأغنياء ولكن بالحلال ولكنه لا يصبر حتي يأتيه الرزق حلال فيستعجله بالحرام فلا يأخذ إلا نصيبه من الرزق ولكنه يبوء بالاثم
إنا لله وإنا إليه راجعون
إذا عرفت هذا فعليك بالصبر في الحق وعدم استعجال رزق الله بالحرام في أي شئ ، فما هو مقدر لك سيأتيك سيأتيك

الدائرة الجهنمية

الدائرة الجهنمية


يذهب يركب سيارته الميكروباص كل ما يشغل ذهنه كيف يزيد من دخله ، لا يهمه الطريقة بل النتيجة ، ولكنه لا يفطن إلي ما يحققه أي النتيجة
يزيد في الأجرة ويقلل من المسافة بحيث يجعل خط سيره خطين سير أو ثلاث خطوط ، وفي النهاية يحصل بضع جنيهات زيادة – نظريا – زادت الحصيلة 10 جنيهات أو 20 أو 30 جنيه ولكنه لا يدري أن تلك الزيادة الناتجة عن الاستغلال المحرم لحاجة الناس إنما هي أموال حرام فيتوقف في إشارة مرور بعد كد يوم وليلة وفي جيبه ترقد غلة اليوم من رزق حلال الناتج عن عمله مخلوط ببضع جنيهات حرام فيستوقفه رجل المرور ليعطيه المخالفة ويأخذ منه النفحة التي تعب صاحبنا في جمعها عدة دورات متصلة ليجمعها لرجل المرور ، وإن لم يجد رجل المرور تجده يخبط الرفرف أو جانب السيارة أو تجده يحتاج إلي الميكانيكي أو بتاع العفشة أو ربما نجت السيارة من العقاب ليجد العقاب في بدنه ألم ومرض يرقده فلا ينزل العمل أيام وليال عدة وربما زاد العقاب فأصاب أحد أحبائه وفلذات أكباده ولا تنتهي تلك الدورة حتي يذهب هذا المال المجموع من سحت وحرام إلي رجل مرور مرتشي فيأخذ دورته هو الآخر من ذهابه للطبيب يصرف عنده هذه الاموال القذرة مع أخذ نصيبه من الألم والتوجع ، هل انتهت تلك الدائرة ، لا لم تنتهي بل يأتيه طبيب هو الآخر مشارك في صنع تلك الدائرة فيأمره بعمل فحصوات وأشعة لا حاجة لها ويشدد عليه أن يعملها عند المركز الفلاني والمعمل العلاني فتستقر تلك الأموال القذرة عند الطبيب بطريق السحت والحرام فلا ينجو من عاقبتها فيخيب ولده ويحتاج إلي مدرس خصوصي ويأخذ تلك الأموال هذا المدرس ولكنها أموال قذرة ملوسة ولا يأخذها آخذها بطريقة مشروعة بل يأخذها دون أن يعطي الولد حقه من الشرح والتعليم ويكدس المدرس تلك الأموال القذرة ،الجنيه علي الجنيه والمائة علي المائة حتي تتجمع 100 ألف جنيه أو يزيد بعد طول عناء وكد ثم يذهب يشتري شقة فيقابله سمسار ماهو إلا حلقة أخري من تلك الحلقات العفنة النتنة التي تكمل تلك الدائرة فينصب عليه فتضيع الفلوس علي صاحبها أو يغش في البنيان وتقع العمارة علي رؤوس الناس لا تسأل عن المصير لكل من اشترك في تلك الدائرة الجهنمية من الفراش إلي الوزير ومن البواب إلي المدير ومن المرؤس إلي الرئيس

فالجميع مشارك في تلك الدائرة الخبيثة إنا لله وإنا إليه راجعون لذلك تجد الكرب والبلاء والقحط والغلاء وكما أنه لا ينزل بلاء إلا ببذنب فلا يرفع إلا بتوبة فهل نتوب ؟؟؟؟؟؟

لماذا لا تفتح الزجاجة ؟

لماذا لا تفتح الزجاجة ؟


حاولت مرارا وتكرارا أن أفتح الزجاجة ولكني لم استطيع

هل تعرف لماذا لم أعرف أفتح تلك الزجاجة ؟

السبب بمنتهي البساطة أن يدي كانت مبتلة

وعندما ابتلت يدي لم تعد تقوي علي فتح زجاجة الماء لأروي عطشي

والحل بسيط أن أنشف يدي قبل فتح الزجاجة

ولكن هل هذا خاص بزجاجة الماء

هل قابلت يوما انك تريد فتح شئ أو عمل شئ ولا تستطيع مع أنك تملك القدرة والقوة علي ذلك

أقول لك عليك أن تجفف يديك ولا يتم ذلك في الاعمال إلا بالنية فمن صدقت نيته بارك الله له في قوته ويسر له إنجاز مهمته

تذكر ذلك عندما يصعب عليك أمر أو فعل شئ

جفف يديك ( يعني راجع أمر نيتك )

ضع سماعة علي قلبك

ضع سماعة علي قلبك


بماذا تشعر

هل تشعر بزيادة ضربات القلب كلما مر الوقت وكلما قرب رمضان

أم أنك لا تشعر بشئ ؟

فإذا شعرت بزيادة مضطردة في دقات القلب فلماذا ؟

سل نفسك

لماذا كلما مر الوقت وقرب رمضان تشعر بهذه الدقات التي يعلو صوتها حتي وكأن الناس تسمعها

هل هو شوق إلي ما في رمضان ؟

ولكن ماذا في رمضان يسبب لك الشوق واللهفة ؟

هل هي الكنافة والقطايف والأكل والطبيخ أم المسلسلات والفوازير ؟

سل نفسك لماذا تشتاق إلي رمضان ؟

هل للمة والصحبة وجلسات الأنس والفرفرشة

أم لماذا ؟ لماذا تنتشي وتفرح كلما قرب رمضان ؟

ماذا في رمضان يجعل قلبك يرقص فرحا كلما قرب ؟

من الناس من يرقصهم ما سبق فرحا ً

ومن الناس ....

من الناس من يرقص كلما قرب رمضان لأنه شهر القرب من الله صوما وصلاة وخلوة وذكر

فهذا شهر اللقاء

ليس لقاء عابر

بل لقاء تجتمع فيه النفس بكليتها علي الطاعة

علي العبادة ، تصوم البطن وتصوم الجوارح عن المعاصي

وتقبل العين علي القراءة والبكاء

وتنتصب الأقدام وقوفا في رضي الرحمن

نتردد إلي المساجد

ونقلب أعيننا في كتاب ربنا قارئين متفكرين متدبرين

هل اشتقت إلي رمضان؟

هذا ما عليك أن تسمعه حين تضع السماعة علي قلبك

الاثنين، 9 أغسطس 2010

رمضان ياتلحق يا متلحقش !!!

رمضان يا تلحق يا متلحقش !!!

لقد حاولت أن استعد لرمضان ولكني وقعت في فخ رهيب وهي أنني بدأت تلك الاستعدادات متأخر بل متأخر جدا وكلما لاح لي غرض من أغراض الاستعداد لرمضان أجده يتسع ويتسع حتي يتطلب الأمر لعدة شهور حتي نستطيع أن نغطي تلك المواضيع ، وكأن رمضان يحتاج إلي باقي السنة استعدادا له وهذا صحيح ولكني عرفته متأخرا
لذا علينا فيما بقي بنصائح سريعة حتي لا يدخل رمضان فيجدنا مرتبكين :
1- التوبة وهذه تكلمنا عنها ببعض التفصيل سابقاً
2- معرفة ما هي الابواب والعبادات التي تفتح في رمضان والتعرف علي أسرارها ، فمن هذه العبادات الصيام والقيام والصدقة والزكاة وصلة الارحام وقراءة القرآن
3- توفير الوقت والجهد لهذه العبادات وتأخير ما يمكن تأخيره من باقي العبادات والطاعات العامة التي تصلح طوال العام ونمارسها طوال العام
وكذلك الامور العادية فمثلا هناك من الناس من يشغل جزء من آخر رمضان في التنظيف والتجديد استعدادا للعيد قم بما يلزم قبل رمضان حتي لا تضيع وقت من رمضان ، كذلك شراء مستلزمات الطعام إن استطعت أن لا ينشغل ذهنك بالطعام أثناء رمضان بشراءه قبل رمضان مثلا فافعل فهذا أفضل

4- هناك أمور تساعدك علي القراءة والتدبر منها نظافة المكان المخصص للعبادة والرائحة الطيبة له قم بذلك فالبخور والعطور والنظافة تعينك علي العبادة وتيسر لك التدبر
5- شراء مستلزمات العيد للاطفال وحاجة المدارس وغيرها قم بها ولا تؤجلها إلي رمضان فالوقت في رمضان أنفس من أن تقضيه في مثل تلك الاشياء
6- ضع هدفا كبيرا نصب عينك وأجعل رمضان هي تجربتك لتحقيقه مثلا أن تقرأ القرآن كاملا في اليوم والليلة واحسب كم مرة تفعلها في رمضان فلقد كان من أسلافنا من يختم 60 ختمة في رمضان فهل فينا من يختم 30 ختمة حتي نقول اننا خلف لذلك السلف
7- الغاية من القراءة العظة والتدبر والتفكر المؤدي إلي التطبيق والعمل بمقتضي القرآن فهو الأولي ، وإن تعذر التدبر والفهم فلا تفوتك القراءة فاجتهد فيها حتي يمن الله عليك بالتدبر
8- إحذر خدعة يمارسها إبليس الخبيث لعنه الله فقبيل رمضان يفتح لك بابا يلهيك به عن الذكر والعبادة ولو من أبواب البر والخير ، فإن كان مما يمكن تأجيله فتأجيله أولي فلقد كان الأئمة رحمهم الله الذين يقضون جل أوقاتهم في العبادة والعلم والتفسير والشرح والفتوي إذا ما أقبل رمضان عكفوا علي القرآن والقرآن فقط وتدبر معانيه ، فكل ما يمكن تأجيله لبعد رمضان فعليك بتأجيله
9- أول الايام أصعب الايام حتي تعتاد قراءة وردك الذي أهملته منذ رمضان الماضي فعليك بالجلد والتشبث بنهاء وردك مهما كان الثمن
10- إبدأ من الآن في القراءة حتي تدخل رمضان وقد وصلت للجو النفسي والمعدل الذي ترجوه
11- كل يوم من أيم رمضان له حساب مستقل وأجبر الكسر في الآخر
12- استعن بالعسل الابيض شربا فإنه مفيد للحلق عند كثرة القراءة
13- قاطع كل وسائل الميديا المسموعة والمقروءة اللهم إلا ما يعينك ويحفزك علي العبادة وما عدا ذلك فهو من أحابيل الشيطان ففر منه
14- حضر جداول المحاسبة وجداول تضع فيها نتيجة كل يوم علي حدة فلابد للتقييم ولا تطلع أحد علي هذه النتائج
15- إجتهد علي قدر طاقتك حتي يري الله منك ذلك ولا تري الله منك إلا ما يحب
16- نفسك تحتاج إلي تهذيب وهي أولي في ذلك الشهر من أعمال تستطيع أن تنجزها بعد ذلك ولا تنسي أن الأعمار غير معلومة فربما يكون آخر رمضان

استعن بالله علي ماسبق فهو خير المعين

الخميس، 5 أغسطس 2010

رحماك يارب العباد

أسرار الصيام 4

في التطوع بالصيام وترتيب الأوراد فيه


اعلم أن استحباب الصوم يتأكد في الأيام الفاضلة وفواضل الأيام بعضها يوجد في كل سنة وبعضها يوجد في كل شهر وبعضها في كل أسبوع أما في السنة بعد أيام رمضان فيوم عرفة ويوم عاشوراء والعشر الأول من ذي الحجة والعشر الأول من المحرم وجميع الأشهر الحرم مظان الصوم وهي أوقات فاضلة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر صوم شعبان متفق عليه من حديث عائشة

وفي الخبر أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة لأنه ابتداء السنة فبناؤها على الخير أحب وأرجى لدوام بركته

ولا يجوز أن يقصد استقبال رمضان بيومين أو ثلاثة إلا أن يوافق وردا له وكره بعض الصحابة أن يصام رجب كله حتى لا يضاهي بشهر رمضان فالأشهر الفاضلة ذو الحجة والمحرم ورجب وشعبان والأشهر الحرم ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب واحد فرد وثلاثة سرد وأفضلها ذو الحجة لأن فيه الحج والأيام المعلومات والمعدودات وذو القعدة من الأشهر الحرم وهو من أشهر الحج وشوال من أشهر الحج وليس من الحرم والمحرم ورجب ليسا من أشهر الحج وفي الخبر ما من أيام العمل فيهن أفضل وأحب إلى الله عز وجل من أيام عشر ذي الحجة إن صوم يوم منه يعدل صيام سنة وقيام ليلة منه تعدل قيام ليلة القدر قيل ولا الجهاد في سبيل الله تعالى قال ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل إلا من عقر جواده وأهريق دمه أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة دون قوله قيل ولا الجهاد الخ وعند البخاري من حديث ابن عباس ما العمل في أيام أفضل من العمل في هذا العشر قالوا ولا الجهاد قال ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء

وأما ما يتكرر في الشهر فأول الشهر وأوسطه وآخره ووسطه الأيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر وأما في الأسبوع فالإثنين والخميس والجمعة فهذه هي الأيام الفاضلة فيستحب فيها الصيام وتكثير الخيرات لتضاعف أجورها ببركة هذه الأوقات وأما صوم الدهر فإنه شامل للكل وزيادة وللسالكين فيه طرق فمنهم من كره ذلك إذ وردت أخبار تدل على كراهته والصحيح أنه إنما يكره لشيئين أحدهما أن لا يفطر في العيدين وأيام التشريق فهو الدهر كله الأحاديث الدالة على كراهة صيام الدهر أخرجها البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو وفي حديث لابن ماجه لا صام من صام الأبد ولمسلم من حديث أبي قتادة قيل يا رسول الله كيف بمن صام الدهر قال لا صام ولا أفطر وأخرج النسائي نحوه من حديث عبد الله بن عمر وعمران بن حصين وعبد الله بن الشخير والآخر أن يرغب عن السنة في الإفطار ويجعل الصوم حجرا على نفسه مع أن الله سبحانه يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه

قال صلى الله عليه وسلم عرضت علي مفاتيح خزائن الدنيا وكنوز الأرض فرددتها وقلت أجوع يوما وأشبع يوما أحمدك إذا شبعت وأتضرع إليك إذا جعت أخرجه الترمذي من حديث أبي أمامة بلفظ عرض علي ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا وقال حسن

وقال صلى الله عليه وسلم أفضل الصيام صوم أخي داود كان يصوم ويفطر يوما أخرجاه من حديث عبد الله بن عمر

ومن ذلك منازلته صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في الصوم وهو يقول إني أطيق أكثر من ذلك فقال صلى الله عليه وسلم صم يوما وأفطر يوما فقال إني أريد أفضل من ذلك قال صلى الله عليه وسلم لا أفضل من ذلك أخرجاه من حديثه

وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم ما صام شهرا كاملا قط إلا رمضان أخرجاه من حديث عائشة

بل كان يفطر منه ومن لا يقدر على صوم نصف الدهر فلا بأس بثلثه وهو أن يصوم ويفطر يومين وإذا صام ثلاثة من من أول الشهر وثلاثة من الوسط وثلاثة من الآخر فهو ثلث وواقع في الأوقات الفاضلة وإن صام الإثنين والخميس والجمعة فهو قريب من الثلث

وإذا ظهرت أوقات الفضيلة فالكمال في أن يفهم الإنسان معنى الصوم وأن مقصوده تصفية القلب وتفريغ الهم لله عز وجل والفقيه بدقائق الباطن ينظر إلى أحواله فقد يقتضي حاله دوام الصوم وقد يقتضي دوام الفطر وقد يقتضي مزج الإفطار بالصوم وإذا فهم المعنى وتحقق حده في سلوك طريق الآخرة بمراقبة القلب لم يخف عليه صلاح قلبه وذلك لا يوجب ترتيبا مستمرا ولذلك روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم حتى يقال لا يفطر ويفطر حتى يقال لا يصوم وينام حتى يقال لا يقوم ويقوم حتى يقال لا ينام حديث كان يصوم حتى يقال لا يفطر الحديث أخرجاه من حديث عائشة وابن عباس دون ذكر القيام والنوم والبخاري من حديث أنس كان يفطر من الشهر حتى يظن أن لا يصوم منه شيئا ويصوم حتى يظن أن لا يفطر منه شيئا وكان لا تشاه تراه من الليل مصليا إلا رأيته ولا نائما إلا رأيته وكان ذلك بحسب ما ينكشف له بنور النبوة من القيام بحقوق الأوقات وقد كره العلماء أن يوالي بين الإفطار أكثر من أربعة أيام تقديرا بيوم العيد وأيام التشريق وذكروا أن ذلك يقسي القلب ويولد رديء العادات ويفتح أبواب الشهوات ولعمري هو كذلك في حق أكثر الخلق لا سيما من يأكل في اليوم والليل مرتين فهذا ما أردنا ذكره من ترتيب الصوم المتطوع به والله أعلم بالصواب تم كتاب أسرار الصوم والحمد لله بجميع محامده كلها ما علمنا منها وما لم نعلم على جميع نعمه كلها ما علمنا منها وما لم نعلم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم وكرم وعلى كل عبد مصطفى من أهل الأرض والسماء يتلوه إن شاء الله تعالى كتاب أسرار الحج والله المعين لا رب غيره وما توفيقي إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل.

هذا مختصر كتاب أسرار الصيام لأبي حامد الغزالي رحمه الله تعالي

كما أنه من أسرار الصيام حث الاغنياء علي رحمة الفقراء والقيام بما يزود عنهم عادي الجوع وغائل الصدي 
وكذلك من فوائد الصيام إيقاظ الفكرة وإنفاذ البصيرة
وكذلك  ذكر ببلاء الآخرة ومصابها فيذكر بعطشه عطش أهل المحشر وعطش ووجوع أهل النار

أسرار الصيام 3

مسألة
فإن قلت فمن اقتصر على كف شهوة البطن والفرج وترك هذه المعاني فقد قال الفقهاء صومه صحيح فما معناه فاعلم أن فقهاء الظاهر يثبتون شروط الظاهر بأدلة هي أضعف من هذه الأدلة التي أوردناها في هذه الشروط الباطنة لا سيما الغيبة وأمثالها ولكن ليس إلى فقهاء الظاهر من التكليفات إلا ما يتيسر على عموم الغافلين المقبلين على الدنيا الدخول تحته فأما علماء الآخرة فيعنون بالصحة القبول وبالقبول الوصول إلى المقصود ويفهمون أن المقصود من الصوم التخلق بخلق من أخلاق الله عز وجل وهو الصمدية والاقتداء بالملائكة في الكف عن الشهوات بحسب الإمكان فإنهم منزهون عن الشهوات والإنسان رتبته فوق رتبة البهائم لقدرته بنور العقل على كسر شهوته ودون رتبة الملائكة لاستيلاء الشهوات عليه وكونه مبتلى بمجاهدتها فكلما انهمك في الشهوات انحط إلى أسفل السافلين والتحق بغمار البهائم وكلما قمع الشهوات ارتفع إلى أعلى عليين والتحق بأفق الملائكة والملائكة مقربون من الله عز وجل والذي يقتدى بهم ويتشبه بأخلاقهم يقرب من الله عز وجل كقربهم فإن الشبيه من القريب قريب وليس القريب ثم بالمكان بل بالصفات وإذا كان هذا سر الصوم عند أرباب الألباب وأصحاب القلوب فأي جدوى لتأخير أكلة وجمع أكلتين عند العشاء مع الإنهماك في الشهوات الآخر طول النهار ولو كان لمثله جدوى فأي معنى لقوله صلى الله عليه وسلم كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش ولهذا قال أبو الدرداء يا حبذا نوم الأكياس وفطرهم كيف لا يعيبون صوم الحمقى وسهرهم ولذرة من ذوي يقين وتقوى أفضل وأرجح من أمثال الجبال عبادة من المغتربين ولذلك قال بعض العلماء كم من صائم مفطر وكم من مفطر صائم والمفطر الصائم هو الذي يحفظ جوارحه عن الآثام ويأكل ويشرب والصائم المفطر هو الذي يجوع ويعطش ويطلق جوارحه ومن فهم معنى الصوم وسره علم أن مثل من كف عن الأكل والجماع وأفطر بمخالطة الآثام كمن مسح على عضو من أعضائه في الوضوء ثلاث مرات فقد وافق في الظاهر العدد إلا أنه ترك المهم وهو الغسل فصلاته مردودة عليه بجهله ومثل من أفطر بالأكل وصام بجوارحه عن المكاره كمن غسل أعضاؤه مرة مرة فصلاته متقبلة إن شاء الله لإحكامه الأصل وإن ترك الفضل ومثل من جمع بينهما كمن غسل كل عضو ثلاث مرات فجمع بين الأصل والفضل وهو الكمال وقد قال صلى الله عليه وسلم إن الصوم أمانة فليحفظ أحدكم أمانته حديث إنما الصوم أمانة فليحفظ أحدكم أمانته أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث ابن مسعود في حديث في الأمانة والصوم وإسناده حسن ولما تلا قوله عز وجل إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وضع يده على سمعه وبصره فقال السمع أمانة والبصر أمانة أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة دون قوله السمع أمانة ولولا أنه من أمانات الصوم لما قال صلى الله عليه وسلم فليقل إني صائم أي إني أودعت لساني لأحفظه فكيف أطلقه بجوابك


فإذن قد ظهر أن لكل عبادة ظاهرا وباطناوقشرا ولبا ولقشرها درجات ولكل درجة طبقات فإليك الخيرة الآن في أن تقنع بالقشر عن اللباب أو تتحيز إلى غمار أرباب الألباب

أسرار الصيام 2

أسرار الصوم وشروطه الباطنة


اعلم أن الصوم ثلاث درجات
 الأولي فهي كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة كما سبق تفصيله وأما الثانية فهي كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام أما الثالثة فهي صوم القلب عن الهمم الدنية والأفكار الدنيوية وكفه عما سوى الله عز وجل بالكلية ويحصل الفطر في هذا الصوم بالفكر فيما سوى الله عز وجل واليوم الآخر وبالفكر في الدنيا إلا دنيا تراد للدين فإن ذلك من زاد الآخرة وليس من الدنيا وهذه رتبة الأنبياء والصديقين والمقربين ولا يطول النظر في تفصيلها قولا ولكن في تحقيقها عملا فإنه إقبال بكنه الهمة على الله عز وجل وانصراف عن غير الله سبحانه وتلبس بمعنى قوله عز وجل قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون

وأما الدرجة الثانية وهو صوم الصالحين فهو كف الجوارح عن الآثام وتمامه بستة أمور:

الأول غض البصر وكفه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يذم ويكره وإلى كل ما يشغل القلب ويلهي عن ذكر الله عز وجل قال صلى الله عليه وسلم النظرة سهم مسموم من سهام إبليس لعنه الله فمن تركها خوفا من الله آتاه الله عز وجل إيمانا يجد حلاوته في قلبه أخرجه الحاكم وصحح إسناده من حديث حذيفة

الثاني حفظ اللسان عن الهذبان والكذب والغيبة والنميمة والفحش والجفاء والخصومة والمراء وإلزامه السكوت وشغله بذكر الله سبحانه وتلاوة القرآن فهذا صوم اللسان وقد قال سفيان الغيبة تفسد الصوم رواه بشر بن الحارث عنه وروى ليث عن مجاهد خصلتان يفسدان الصيام الغيبة والكذب وقال صلى الله عليه وسلم إنما الصوم جنة فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم أخرجاه من حديث أبي هريرة

الثالث كف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه لأن كل ما حرم قوله حرم الإصغاء إليه ولذلك سوى الله عز وجل بين المستمع وآكل السحت فقال تعالى سماعون للكذب أكالون للسحت وقال عز وجل لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت فالسكوت على الغيبة حرام وقال تعالى إنكم إذا مثلهم ولقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغيبة وعن الاستماع إلى الغيبة

الرابع كف بقية الجوارح عن الآثام من اليد والرجل عن المكاره وكف البطن عن الشبهات وقت الإفطار فلا معنى للصوم وهو الكف عن الطعام الحلال ثم الإفطار على الحرام فمثال هذا الصائم مثال من يبني قصرا ويهدم مصرا فإن الطعام الحلال إنما يضر بكثرته لا بنوعه فالصوم لتقليله وتارك الاستكثار من الدواء خوفا من ضرره إذا عدل إلى تناول السم كان سفيها والحرام سم مهلك للدين والحلال دواء ينفع قليله ويضر كثيره وقصد الصوم تقليله وقد قال صلى الله عليه وسلم كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش أخرجه النسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة وقيل هو الذي يفطر على الحرام وقيل هو الذي يمسك عن الطعام الحلال ويفطر على لحوم الناس بالغيبة وهو حرام وقيل هو الذي لا يحفظ جوارحه عن الآثام

الخامس أن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار بحيث يمتلىء جوفه فما من وعاء أبغض إلى الله عز وجل من بطن مليء من حلال وكيف يستفاد من الصوم قهر عدو الله وكسر الشهوة إذا تدارك الصائم عند فطره ما فاته ضحوة نهاره وربما يزيد عليه في ألوان الطعام حتى استمرت العادات بأن تدخر جميع الأطعمة لرمضان فيؤكل من الأطعمة فيه ما لا يؤكل في عدة أشهر ومعلوم أن مقصود الصوم الخواء وكسر الهوى لتقوى النفس على التقوى وإذا دفعت المعدة من ضحوة نهار إلى العشاء حتى هاجت شهوتها وقويت رغبتها ثم أطعمت من اللذات وأشبعت زادت لذتها وتضاعفت قوتها وانبعث من الشهوات ما عساها كانت راكدة لو تركت على عادتها فروح الصوم وسره تضعيف القوى التي هي وسائل الشيطان في العود إلى الشرور ولن يحصل ذلك إلا بالتقليل وهو أن يأكل أكلته التي كان يأكلها كل ليلة لو لم يصم فأما إذا جمع ما كان يأكل ضحوة إلى ما كان يأكل ليلا فلم ينتفع بصومه بل من الآداب أن لا يكثر النوم بالنهار حتى يحس بالجوع والعطش ويستشعر ضعف القوى فيصفو عند ذلك قلبه ويستديم في كل ليلة قدرا من الضعف حتى يخف عليه تهجده وأوراده فعسى الشيطان أن لا يحوم على قلبه فينظر إلى ملكوت السماء وليلة القدر عبارة عن الليلة التي ينكشف فيها شيء من الملكوت وهو المراد بقوله تعالى إنا أنزلناه في ليلة القدر ومن جعل بين قلبه وبين صدره مخلاة من الطعام فهو عنه محجوب ومن أخلى معدته فلا يكفيه ذلك لرفع الحجاب ما لم يخل همته عن غير الله عز وجل وذلك هو الأمر كله ومبدأ جميع ذلك تقليل الطعام

السادس أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقا مضطربا بين الخوف والرجاء إذ ليس يدرى أيقبل صومه فهو من المقربين أو يرد عليه فهو من الممقوتين وليكن كذلك في آخر كل عبادة يفرغ منها فقد روى عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه مر بقوم وهم يضحكون فقال إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه لطاعته فسبق قوم ففازوا وتخلف أقوام فخابوا فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون وخاب فيه المبطلون أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته أي كان سرور المقبول يشغله عن اللعب وحسرة المردود تسد عليه باب الضحك

وعن الأحنف بن قيس أنه قيل له إنك شيخ كبير وإن الصيام يضعفك فقال إني أعده لسفر طويل والصبر على طاعة الله سبحانه أهون من الصبر على عذابه فهذه هي المعاني الباطنة في الصوم

أسرار الصيام

بسم الله الرحمن الرحيم
 أسرار الصوم


الحمد لله الذي أعظم على عباده المنة بما دفع عنهم كيد الشيطان وفنه ورد أمله وخيب ظنه إذ جعل الصوم حصنا لأوليائه وجنة وفتح لهم به أبواب الجنة وعرفهم أن وسيلة الشيطان إلى قلوبهم الشهوات المستكنة وإن بقمعها تصبح النفس المطمئنة ظاهرة الشوكة في قصم خصمها قوية المنة والصلاة على محمد قائد الخلق وممهد السنة وعلى آله وأصحابه ذوي الأبصار الثاقبة والعقول المرجحة وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد فإن الصوم ربع الإيمان بمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم الصوم نصف الصبر حديث الصوم نصف الصبر أخرجه الترمذي وحسنه

وبمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم الصبر نصف الإيمان حديث الصبر نصف الإيمان أخرجه أبو نعيم في الحلية والخطيب في التاريخ من حديث ابن مسعود بسند حسن

ثم هو متميز بخاصية النسبة إلى الله تعالى من بين سائر الأركان إذ قال الله تعالى فيما حكاه عنه نبيه صلى الله عليه وسلم كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به أخرجاه من حديث أبي هريرة

وقد قال الله تعالى إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب

والصوم جاوز ثوابه قانون التقدير والحساب وناهيك في معرفة فضله قوله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك يقول الله عز وجل إنما يذر شهوته وطعامه وشرابه لأجلي فالصوم لي وأنا أجزي به أخرجاه وهو بعض الذي قبله

وقال صلى الله عليه وسلم للجنة باب يقال له الريان لا يدخله إلا الصائمون أخرجاه من حديث سهل بن سعد

وقال صلى الله عليه وسلم للصائم فرحتان فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء ربه أخرجاه من حديث أبي هريرة

وروى أبو هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين ونادى مناد يا باغي الخير هلم ويا باغي الشر أقصر حديث أخرجه الترمذي وقال غريب وابن ماجه والحاكم وصححه على شرطهما من حديث أبي هريرة وصحح البخاري وقفه على مجاهد وأصله متفق عليه دون قوله ونادى مناد

وقال وكيع في قوله تعالى كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية هي أيام الصيام إذ تركوا فيها الأكل والشرب

وقيل في قوله تعالى فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون قيل كان عملهم الصيام لأنه قال إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب فيفرغ للصائم جزاؤه إفراغا ويجازف جزافا فلا يدخل تحت وهم وتقدير وجدير بأن يكون كذلك لأن الصوم إنما كان له ومشرفا بالنسبة إليه وإن كانت العبادات كلها له كما شرف البيت بالنسبة إلى نفسه والأرض كلها له لمعنيين أحدهما أن الصوم كف وترك وهو في نفسه سر ليس فيه عمل يشاهد وجميع أعمال الطاعات بمشهد من الخلق ومرأى والصوم لا يراه إلا الله عز وجل فإنه عمل في الباطن بالصبر المجرد والثاني أنه قهر لعدو الله عز وجل فإن وسيلة الشيطان لعنه الله الشهوات وإنما تقوى الشهوات بالأكل والشرب ولذلك قال صلى الله عليه وسلم إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع متفق عليه

فلما كان الصوم على الخصوص قمعا للشيطان وسدا لمسالكه وتضييقا لمجاريه استحق التخصيص بالنسبة إلى الله عز وجل ففي قمع عدو الله نصرة لله سبحانه ونصر الله تعالى موقوف على النصرة له قال الله تعالى إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم فالبداية بالجهد من العبد والجزاء بالهداية من الله عز وجل ولذلك قال تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وقال تعالى إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإنما التغير تكثير الشهوات فهي مرتع الشياطين ومرعاهم فما دامت مخصبة لم ينقطع ترددهم وما داموا يترددون لم ينكشف للعبد جلال الله سبحانه وكان محجوبا عن لقائه وقال صلى الله عليه وسلم لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السموات أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة بنحوه

فمن هذا الوجه صار الصوم باب العبادة وصار جنة

أما الواجبات الظاهرة فستة

الأول مراقبة أول شهر رمضان وذلك برؤية الهلال فإن غم فاستكمال ثلاثين يوما من شعبان ونعني بالرؤية العلم ويحصل ذلك بقول عدل واحد ولا يثبت هلال شوال إلا بقول عدلين احتياطا للعبادة ومن سمع عدلا ووثق بقوله وغلب على ظنه صدقه لزمه الصوم وإن لم يقض القاضي به فليتبع كل عبد في عبادته موجب ظنه وإذا رؤي الهلال ببلدة ولم ير بأخرى وكان بينهما أقل من مرحلتين وجب الصوم على الكل وإن كان أكثر كان لكل بلدة حكمها ولا يتعدى الوجوب

الثاني النية ولا بد لكل ليلة من نية مبيتة معينة جازمة فلو نوى أن يصوم شهر رمضان دفعة واحدة لم يكفه وهو الذي عنينا بقولنا كل ليلة ولو نوى بالنهار لم يجزه صوم رمضان ولا صوم الفرض إلا التطوع وهو الذي عنينا بقولنا مبيتة ولو نوى الصوم مطلقا أو الفرض مطلقا لم يجزه حتى ينوي فريضة الله عز وجل صوم رمضان ولو نوى ليلة الشك أن يصوم غدا إن كان من رمضان لم يجزه فإنها ليست جازمة إلا أن تستند نيته إلى قول شاهد عدل واحتمال غلط العدل أو كذبه لايبطل الجزم أو يستند إلى استصحاب حال كالشك في الليلة الأخيرة من رمضان فذلك لا يمنع جزم النية أو يستند إلى اجتهاد كالمحبوس في المطمورة إذا غلب على ظنه دخول رمضان باجتهاده فشكه لا يمنعه من النية ومهما كان شاكا ليلة الشك لم ينفعه جزمه النية باللسان فإن النية محلها القلب ولا يتصور فيه جزم القصد مع الشك كما لو قال في وسط رمضان أصوم غدا إن كان من رمضان فإن ذلك لايضره لأنه ترديد لفظ ومحل النية لا يتصور فيه تردد بل هو قاطع بأنه من رمضان ومن نوى ليلا ثم أكل لم تفسد نيته ولو نوت امرأة في الحيض ثم طهرت قبل الفجر صح صومها

الثالث الإمساك عن إيصال شيء إلى الجوف عمدا مع ذكر الصوم وما يصل بغير قصد من غبار الطريق أو ذبابة تسبق إلى جوفه أو ما يسبق إلى جوفه في المضمضة فلا يفطر إلا إذا بالغ في المضمضة فيفطر لأنه مقصر وهو الذي أردنا بقولنا عمدا فأما ذكر الصوم فأردنا به الاحتراز عن الناسي فإنه لايفطر أما من أكل عامدا في طرفي النهار ثم ظهر له أنه أكل نهارا بالتحقيق فعليه القضاء وإن بقى على حكم ظنه واجتهاده فلا قضاء عليه ولا ينبغي أن يأكل في طرفى النهار إلا بنظر واجتهاد

الرابع الإمساك عن الجماع وحده مغيب الحشفة وإن جامع ناسيا لم يفطر وإن جامع ليلا أو احتلم فأصبح جنبا لم يفطر وإن طلع الفجر وهو مخالط أهله فنزع في الحال صح صومه فإن صبر فسد ولزمته الكفارة

الخامس الإمساك عن الاستمناء وهو إخراج المني قصدا بجماع أو بغير جماع فإن ذلك يفطر ولا يفطر بقبلة زوجته ولا بأس بالتقبيل وتركه أولى وإذا كان يخاف من التقبيل أن ينزل فقبل وسبق المني أفطر لتقصيره

السادس الإمساك عن إخراج القيء فالاستقاء يفسد الصوم وإن ذرعه القيء لم يفسد صومه وإذا ابتلع نخامة من حلقه أو صدره لم يفسد صومه رخصة لعموم البلوى به

وأما لوازم الإفطار فأربعة القضاء والكفارة والفدية وإمساك بقية النهار تشبيها بالصائمين أما القضاء فوجوبه عام على كل مسلم مكلف ترك الصوم بعذر أو بغير عذر فالحائض تقضي الصوم وكذا المرتد وأما الكافر والصبي والمجنون فلا قضاء عليهم ولا يشترط التتابع في قضاء رمضان ولكن يقضي كيف شاء متفرقا ومجموعا وأما الكفارة فلا تجب إلا بالجماع وأما الاستمناء والأكل والشرب وما عدا الجماع لا يجب به كفارة فالكفارة عتق رقبة فإن أعسر فصوم شهرين متتابعين وإن عجز فإطعام ستين مسكينا مدا مدا وأما إمساك بقية النهار فيجب على من عصى بالفطر أو قصر فيه ولا يجب على الحائض إذا طهرت إمساك بقية نهارها ولا على المسافر إذا قدم مفطرا من سفر بلغ مرحلتين ويجب الإمساك إذا شهد بالهلال عدل واحد يوم الشك والصوم في السفر أفضل من الفطر إلا إذا لم يطق ولا يفطر يوم يخرج وكان مقيما في أوله ولا يوم يقدم إذا قدم صائما وأما الفدية فتجب على الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفا على ولديهما لكل يوم مد حنطة لمسكين واحد مع القضاء والشيخ الهرم إذا لم يصم تصدق عن كل يوم مدا

سنن الصيام


وأما السنن فست تأخير السحور وتعجيل الفطر بالتمر أو الماء قبل الصلاة وترك السواك بعد الزوال والجود في شهر رمضان لما سبق من فضائله في الزكاة ومدارسة القرآن والاعتكاف في المسجد لا سيما في العشر الأخير فهو عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر الأواخر طوى الفراش وشد المئزر ودأب وأدأب أهله متفق عليه من حديث عائشة بلفظ أحيا الليل وأيقظ أهله

وجد وشد المئزر أي أداموا النصب في العبادة إذ فيها ليلة القدر والأغلب أنها في أوتارها وأشبه الأوتار ليلة إحدى وثلاث وخمس وسبع والتتابع في هذا الاعتكاف أولى فإن نذر اعتكافا متتابعا أو نواه انقطع تتابعه بالخروج من غير ضرورة كما لو خرج لعيادة أو شهادة أو جنازة أو زيارة أو تجديد طهارة وإن خرج لقضاء الحاجة لم ينقطع وله أن يتوضأ في البيت ولا ينبغي أن يعرج على شغل آخر كان صلى الله عليه وسلم لا يخرج إلا لحاجة الإنسان ولا يسأل عن المريض إلا مارا حديث كان لا يخرج إلا لحاجة ولا يسأل عن المريض إلا مارا متفق على الشطر الأول من حديث عائشة والشطر الثاني رواه أبو داود بنحوه بسند لين

ويقطع التتابع بالجماع ولا ينقطع بالتقبيل ولا بأس في المسجد بالطيب وعقد النكاح وبالأكل والنوم وغسل اليد في الطست فكل ذلك قد يحتاج إليه في التتابع ولا ينقطع التتابع بخروج بعض بدنه كان صلى الله عليه وسلم يدني رأسه فترجله عائشة رضي الله عنها وهي في الحجرة متفق عليه من حديثها

ومهما خرج المعتكف لقضاء حاجته فإذا عاد ينبغي أن يستأنف النية إلا إذا كان قد نوى أولا عشرة أيام مثلا والأفضل مع ذلك التجديد

التوبة 3

التوبة -3

والأخبار والآثار فى ذم المعاصى ومدح التائبين لا تحصى ، فينبغى أن يستكثر الواعظ منها


وكذلك حكايات الأنبياء والسلف الصالحين وما جرى عليهم من المصائب بسبب ذنوبهم ، فذلك شديد الوقع ظاهر النفع فى قلوب الخلق . مثل أحوال آدم صلى الله عليه وسلم فى عصيانه ، وما لقيه من الإخراج من الجنة ، حتى روى : أنه لما أكل من الشجرة تطايرت الحلل عن جسده وبدت عورته ، فاستحيا التاج والإكليل من وجهه أن يرتفعا عنه ، فجاءه جبريل عليه السلام فأخذ التاج عن رأسه وحل الإكليل عن جبينه ، ونودى من فوق العرش : اهبطا من جوارى فإنه لا يجاورنى من عصانى ، قال : فالتفت آدم إلى حواء باكيا وقال : هذا أول شؤم المعصية أخرجنا من جوار الحبيب.
.

وروى : أن الله تعالى أوحى إلى يعقوب عليه السلام : أتدرى لم فرقت بينك وبين ولدك يوسف ؟ قال : لا . قال : لقولك لإخوته : ﴿ أخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون ﴾ (يوسف : 13) لم خفت عليه الذئب ولم ترجنى ، ولم نظرت إلى غفلة إخوته ولم تنظر إلى حفظى له . وتدرى لم رددته عليك؟ قال: لا، قال: لأنك رجوتني وقلت: ﴿ عسى الله أن يأتيني بهم جميعا﴾ (يوسف : 83) وبما قلت : ﴿اذهبو فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا ﴾ (يوسف : 87) وكذلك لما قال يوسف لصاحب الملك : ﴿اذكرني عند ربك ﴾ (يوسف : 42) ، قال الله تعالى : ﴿فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين﴾ (يوسف : 42) . وأمثال هذه الحكايات لا تنحصر ولم يرد بها القرآن والأخبار ورود الأسحار ، بل الغرض بها الاعتبار والاستبصار لتعلم أن الانبياء عليهم السلام لم يتجاوز عنهم فى الذنوب الصغار فكيف يتجاوز عن غيرهم فى الذنوب الكبار ؟ نعم كانت سعادتهما فى أن عوجلوا بالعقوبة ولم يؤخروا إلى الآخرة ، والأشقياء يمهلون ليزدادوا إثما ولأن عذاب الآخرة أشد وأكبر ، فهذا أيضا مما ينبغى أن يكثر جنسه على أسماع المصرين فإنه نافع فى تحريك دواعى التوبة .

( النوع الثالث ) : أن يقرر عندهم أن تعجيل العقوبة فى الدنيا متوقع على الذنوب ، وأن كل ما يصيب العبد من المصائب فهو بسبب جناياته ، فرب عبد يتساهل فى أمر الآخرة ويخاف من عقوبة الله فى الدنيا اكثر لفرط جهله ، فينبغى أن يخوف به ، فإن الذنوب كلها يتعجل فى الدنيا شؤمها فى غالب الأمر ، ، حتى إنه قد يضيق على العبد رزقه بسبب ذنوبه وقد تسقط منزلته من القلوب ويستولى عليه أعداؤه ، قال صلى الله عليه وسلم : (( إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه )) وقال ابن مسعود : إنى لأحسب أن العبد ينسى العلم بالذنب يصيبه ، وهو معنى قوله عليه السلام : (( من قارف ذنبا فارقه عقل لا يعود إليه أبدا )) .وقال بعض السلف : ليست اللعنة سوادا فى الوجه ونقصا فى المال ، إنما اللعنة أن لا تخرج من ذنب إلا وقعت فى مثله أو شر منه ، وهو كما قال ، لأن اللعنه هى الطرد والإبعاد فإذا لم يوفق للخير ويسر له الشر فقد أبعد ، والحرمان عن رزق التوفيق أعظم حرمان ، وكل ذنب فإنه يدعو إلى ذنب آخر ويتضاعف فيحرم العبد به عن رزقه النافع من مجالسة العلماء المنكرين للذنوب ، ومن مجالسة الصالحين ، بل يمقته الله تعالى ليمقته الصالحون . قال الفضيل : ما أنكرت من تغير الزمان وجفاء الإخوان فذنوبك ورثتك ذلك ، وقال بعضهم : إنى لأعرف عقوبة ذنبى فى سوء خلق حمارى . وقال آخر : أعرف العقوبة حتى فى فأر بيتى

وفى الخبر (( يقول الله تعالى : إن أدنى ما أصنع بالعبد إذا آثر شهوته على طاعتى أن أحرمه لذيذ مناجاتى ))

واعلم أنه لا يذنب العبد ذنبا إلا ويسود وجه قلبه ، فإن كان سعيدا أظهر السواد على ظاهره لينزجر ، وإن كان شقيا أخفى عنه حتى ينهمك ويستوجب النار . والأخبار كثيرة فى آفات الذنوب فى الدنيا من الفقر والمرض وغيره ، بل من شؤم الذنب فى الدنيا على الجملة أن يكسب ما بعده صفته ، فإن ابتلى بشىء كان عقوبة له ويحرم جميل الرزق حتى يتضاعف شقاؤه ، وإن أصابته نعمة كانت استدراجا له ويحرم جميل الشكر حتى يعاقب على كفرانه ، وأما المطيع فمن بركة طاعته أن تكون كل نعمة فى حقه جزاء على طاعته ويوفق لشكرها ، وكل بلية كفارة لذنوبه وزيادة فى درجاته .



صلى الله عليه وسلم حيث قال له واحد : أوصنى يا رسول الله ولا تكثر على ، قال : (( لا تغضب )) وقال له آخر : أوصنى يا رسول الله ، فقال عليه السلام : (( عليك باليأس مما فى أيدي الناس فإن ذلك هو الغنى ، وإياك والطمع فإنه الفقر الحاضر ، وصل صلاة مودع ، وإياك وما يعتذر منه )) وقال رجل لمحمد بن واسع : أوصنى ، فقال : أوصيك أن تكون ملكا فى الدنيا والآخرة ، قال : وكيف لى بذلك ؟ قال : الزم الزهد فى الدنيا . فكأنه صلى الله عليه وسلم توسم فى السائل الأول مخايل الغضب فنهاه عنه وفى السائل الآخر مخايل الطمع فى الناس وطول الأمل . وتخيل محمد بن واسع فى السائل مخايل الحرص على الدنيا ، وقال رجل لمعاذ : أوصنى ، فقال : كن رحيما أكن لك بالجنة زعيما . فكأنه تفرس فيه آثار الفظاظة والغلظة ، وقال رجل لإبراهيم بن أدهم : أوصنى ، فقال : إياك والناس ، وعليك بالناس ، ولا بد من الناس ، فان الناس هم الناس ، وليس كل الناس بالناس ، ذهب الناس وبقى النسناس ، وما أراهم بالناس بل غمسوا فى ماء الياس . فكأنه تفرس فيه آفة المخالطة ، وأخبر عما كان هو الغالب على حاله فى وقته ، وكان الغالب أذاه بالناس ، والكلام على قدر حال السائل أولى من أن يكون بحسب حال القائل . وكتب معاوية رحمه الله إلى عائشة رضى الله عنها : أن اكتبى لى كتابا توصينى فيه ولا تكثري . فكتبت إليه : من عائشة إلى معاوية سلام الله عليك أما بعد ، فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس ، ومن التمس سخط الله برضا الناس وكله الله إلى الناس )) والسلام عليك . فانظر إلى فقهها كيف تعرضت للآفة التى تكون الولاة بصددها ، وهى مراعاة الناس وطلب مرضاتهم . وكتبت إليه مرة أخرى ، أما بعد : فاتق الله فإنك إذا اتقيت الله كفاك الناس , وإذا اتقيت الناس لم يغنوا عنك من الله شيئا والسلام . فإذن على كل ناصح أن تكون عنايته مصروفة إلى تفرس الصفات الخفية وتوسم الأحوال اللائقة ليكون اشتغاله بالمهم , فإن حكاية جميع مواعظ الشرع مع كل واحد غير ممكنة والاشتغال بوعظه بما هو مستغن عن التوعظ فيه تضييع زمان .

فإن قلت : فإن كان الواعظ يتكلم فى جمع أو سأله من لا يدرى باطن حاله أن يعظه فكيف يفعل ؟ فاعلم أن طريقة فى ذلك أن يعظه بما يشترك كافة الخلق فى الحاجة إليه , إما على العموم وإلا على الأكثر , فإن فى علوم الشرع أغذية وأدوية فالأغذية للكافة , والأدوية لأرباب العلل . ومثاله ما روى أن رجلا قال لأبى سعيد الخدرى : أوصنى , قال : عليك بتقوى الله عز وجل , فإنها رأس كل خير , وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام , وعليك بالقرآن فإنه نور لك فى أهل الأرض وذكر لك فى أهل السماء وعليك بالصمت إلا من خير , فإنك بذلك تغلب الشيطان . وقال رجل للحسن : أوصنى , فقال : أعز أمر الله يعزك الله . وقال لقمان لابنه : يا بنى زاحم العلماء بركبتيك ولا تجادلهم فيمقتوك , وخذ من الدنيا بلاغك , وأنفق فضول كسبك لآخرتك , ولا ترفض الدنيا كل الرفض فتكون عيالا , وعلى أعناق الرجال كلا , وصم صوما يكسر شهوتك , ولا تصم صوما يضر بصلاتك , فإن الصلاة أفضل من الصوم , ولا تجالس السفيه , ولا تخالط ذا الوجهين . وقال أيضا لابنه : يا بنى لا تضحك من غير عجب , ولا تمش فى غير أرب , ولا تسأل عما لا يعنيك , ولا تضيع مالك وتصلح مال غيرك , فإن مالك ما قدمت ومال غيرك , ما تركت , يا بنى إن من يرحم يرحم , ومن يصمت يسلم , ومن يقل الخير يغنم , ومن يقل الشر يأثم , ومن لا يملك لسانه يندم . وقال رجل لأبى حازم : أوصنى , فقال : كل ما لو جاءك الموت عليه فرأيته غنيمة فالزمه , وكل ما لو جاءك الموت عليه فرأيته مصيبة فاجتنبه . وقال موسى للخضر عليهما السلام : أوصنى , فقال : كن بساما ولا تكن غضابا , وكن نفاعا ولا تكن ضرارا , وانزع عن اللجاجة , ولا تمش فى غير حاجة , ولا تضحك من غير عجب , ولا تعير الخطائين بخطاياهم , وابك على خطيئتك يا ابن عمران . وقال رجل لمحمد بن كرام : أوصنى , فقال : اجتهد فى رضا خالقك بقدر ما تجتهد فى رضا نفسك . وقال رجل لحامد اللفاف : أوصنى , فقال : اجعل لدينك غلافا كغلاف المصحف أن تدنسه الآفات , قال : وما غلاف الدين ؟ قال : ترك طلب الدنيا إلا مالا بد منه , وترك كثرة الكلام إلا فيما لا بد منه , وترك مخالطة الناس إلا فيما لا بد منه . وكتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز رحمهم الله تعالى أما بعد : فخف مما خوفك الله , وأحذر مما حذرك الله , وخذ مما فى يديك لما بين يديك , فعند الموت يأتيك الخبر اليقين والسلام . وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الحسن يسأل أن يعظه , فكتب إليه : أما بعد , فإن الهول الأعظم والأمور المفظعات أمامك , ولا بد لك من مشاهدة ذلك , إما بالنجاة وإما بالعطب , واعلم أن من حاسب نفسه ربح , ومن غفل عنها خسر , ومن نظر فى العواقب نجا , ومن أطاع هواه ضل , ومن حلم غنم , ومن خاف أمن , ومن أمن اعتبر , ومن اعتبر أبصر , ومن أبصر فهم , ومن فهم علم , فإذا زللت فارجع , وإذا ندمت فاقلع , وإذا جهلت فاسأل , وإذا غضبت فأمسك . وكتب مطرف بن عبد الله إلى عمر بن عبد العزيز رحمه الله : أما بعد , فإن الدنيا دار عقوبة ولها يجمع من من لا عقل له , وبها يغتر من لا علم عنده , فكن فيها يا أمير المؤمنين كالمداوى جرحه , يصبر على شدة الدواء لما يخاف من عاقبة الداء . وكتب عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه إلى عدى بن أرطاة : أما بعد , فإن الدنيا عدوة أولياء الله , وعدوة أعداء الله , فأما أولياؤه فغمتهم , وأما أعداؤه فغرتهم . وكتب أيضا إلى بعض عماله : أما بعد , فقد أمكنتك القدرة من ظلم العباد , فإذا هممت بظلم أحد فاذكر قدرة الله عليك , واعلم أنك لا تأتى إلى الناس شيئا إلا كان زائلا عنهم باقيا عليك , واعلم أن الله عز وجل آخذ للمظلومين من الظالمين والسلام . فهكذا ينبغى أن يكون وعظ العامة ووعظ من لا يدرى خصوص واقعته , فهذه المواعظ مثل الأغذية التى يشترك الكافة فى الانتفاع بها . ولأجل فقد مثل هؤلاء الوعاظ انحسم باب الاتعاظ وغلبت المعاصى واستسرى الفساد , وبلى الخلق بوعاظ يزخرفون أسجاعا وينشدون أبياتا ويتكلفون ذكر ما ليس فى سعة علمهم , ويتشبهون بحال غيرهم فسقط عن قلوب العامة وقارهم , ولم يكن كلامهم صادرا من القلب ليصل إلى القلب , بل القائل متصلف , والمستمع متكلف وكل واحد منهما مدبر ومتخلف فإذن كان طلب الطبيب أول علاج المرضى , وطلب العلماء أول علاج العاصين . فهذا أحد أركان العلاج وأصوله .

(الأصل الثانى) الصبر . ووجه الحاجة إليه أن المريض إنما يطول مرضه لتناوله ما يضره , وإنما يتناول ذلك : إما لغفلته عن مضرته , وإما لشدة غلبة شهوته , فله سببان فما ذكرناه هو علاج الغفلة , فيبقى علاج الشهوة , وطريق علاجها قد ذكرناه فى كتاب رياضة النفس , وحاصله أن المريض إذا اشتدت ضراوته لمأكول مضر فطريقة أن يستشعر عظم ضرره , ثم يغيب ذلك عن عينه فلا يحضره , ثم يتسلى عنه بما يقرب منه فى صورته ولا يكثر ضررة . ثم يصبر بقوة الخوف على الألم الذى يناله فى تركه فلا بد على كل حال من مرارة الصبر , فكذلك يعالج الشهوة فى المعاصى . كالشاب مثلا إذا غلبته الشهوة فصار لا يقدر على حفظ عينه ولا حفظ قلبه أو حفظ جوارحه فى السعى وراء شهوته , فينبغى أن يستشعر ضرر ذنبه بأن يستقرى المخلوقات التى جاءت فيه من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإذا اشتد خوفه تباعد من الأسباب المهيجة لشهوته , ومهيج الشهوة من خارج هو حضور المشتهى والنظر إليه , وعلاجه الهرب والعزلة ومن داخل : تناول لذائذ الأطعمة , وعلاجه الجوع والصوم الدائم , وكل ذلك لا يتم إلا بصبر , ولا يصبر إلا عن خوف , ولا يخاف إلا عن علم , ولا يعلم إلا عن بصيرة وافتكار أو عن سماع وتقليد , فأول الأمر حضور مجالس الذكر , ثم الاستماع من قلب مجرد عن سائر الشواغل مصروف إلى السماع , ثم التفكر فيه لتمام الفهم , وينبعث من تمامه لا محالة خوفة , وإذا قوى الخوف تيسر بمعونته الصبر , وانبعثت الدواعى لطلب العلاج , وتوفيق الله وتيسيره من وراء ذلك . فمن أعطى من قلبه حسن الإصغاء , واستشعر الخوف فاتقى وانتظر الثواب وصدق بالحسنى فسييسره والله تعالى لليسرى . وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسييسره الله للعسرى , فلا يغنى عنه ما اشتغل به من ملاذ الدنيا مهما هلك وتردى . وما على الأنبياء إلا شرح طرق الهدى وإنما لله الآخرة والأولى .

فإن قلت : فقد رجع الأمر كله إلى الإيمان لأن ترك الذنب لا يمكن إلا بالصبر عنه ، والصبر لا يمكن إلا بمعرفة الخوف ، والخوف لا يكون إلا بالعلم ، والعلم لا يحصل إلا بالتصديق بعظم بعزم ضرر الذنوب والتصديق بعظم ضرر الذنوب هو تصديق الله ورسوله وهو الإيمان ، فكأن من أصر على الذنب لم يصر عليه إلا لأنه غير مؤمن ؟ فاعلم أن هذا لا يكون لفقد الإيمان بل يكون لضعف الإيمان ، إذ كل مؤمن مصدق بأن المعصية سبب البعد من الله تعالى وسبب العقاب في الآخرة ، ولكن سبب وقوعه في الذنب أمور . ( أحدها ) أن العقاب الموعود غيب ليس بحاضر ، والنفس جبلت متأثرة بالحاضر ، فتأثرها بالموعود ضعيف بالإضافة إلى تأثرها بالحاضر . ( الثانى ) أن الشهوات الباعثة على الذنوب لذاتها ناجزة ، وهى في الحال آخذة بالمخنق وقد قوى ذلك واستولى عليها بسبب الاعتياد ، والإلف - والعادة طبيعة خامسة - والنزوع عن العاجل لخوف الآجل شديد على النفس ، ولذلك قال تعالى : ﴿ كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة ﴾ (القيامة : 20 ، 21) ، وقال عز وجل : ﴿ بل تؤثرون الحياة الدنيا ﴾ (الأعلى : 16) وقد عبر عن شدة الأمر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات )) وقوله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله تعالى خلق النار فقال لجبريل عليه السلام : اذهب فانظر إليها ، فنظر فقال : وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها ، فحفها بالشهوات ثم قال : اذهب فانظر اليها ، فنظر فقال : وعزتك لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلا دخلها . وخلق الجنة فقال لجبريل عليه السلام : اذهب فانظر إليها ، فنظر فقال : وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها ، فحفها بالمكاره ثم قال : اذهب فانظر إليها ، فنظر إليها فقال : وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد )) فإذا كون الشهوة مرهقة فى الحال ، وكون العقاب متأخرا إلى المآل سببان ظاهران فى الاسترسال مع حصول أصل الإيمان ، فليس كل من يشرب فى مرضه ماء الثلج لشدة عطشه مكذبا بأصل الطب ولا مكذبا بأن ذلك مضر فى حقه ، ولكن الشهوة تغلبه ، وألم الصبر عنه ناجز فيهون عليه الألم المنتظر . ( الثالث ) أنه ما من مذنب مؤمن إلا وهو فى الغالب عازم على التوبة وتكفير السيئات بالحسنات ، وقد وعد بأن ذلك يخبره إلا أن طول الأمل غالب على الطباع فلا يزال يسوف التوبة والتكفير ، فمن حيث رجاؤه التوفيق للتوبة ربما يقدم عليه مع الإيمان . ( الرابع ) أنه ما من مؤمن موقن إلا وهو معتقد أن الذنوب لا توجب العقوبة إيجابا لا يمكن العفو عنها ، فهو يذنب وينتظر العفو عنها اتكالا على فضل الله تعالى . فهذه أسباب أربعة موجبة للإصرار على الذنب مع بقاء أصل الإيمان . نعم قد يقدم المذنب بسبب خامس يقدح فى أصل إيمانه وهو كونه شاكا فى صدق الرسل وهذا هو الكفر ، كالذى يحذره الطبيب عن تناول ما يضره فى المرض ، فإن كان المحذر ممن لا يعتقد فيه أنه عالم بالطب فيكذبه أو يشك فيه فلا يبالى به فهذا هو الكفر .

فإن قلت : فما علاج الأسباب الخمسة ؟ فأقول : هو الفكر ، وذلك بأن يقرر على نفسه فى السبب الأول ، وهو تأخر العقاب أن كل ما هو آت آت ، وأن غدا للناظرين قريب ، وأن الموت أقرب إلى كل أحد من شراك نعله ، فما يدريه لعل الساعة قريب ، والمتأخر إذا وقع صار ناجزا ويذكر نفسه أنه أبدا فى دنياه يتعب فى الحال لخوف أمر فى الاستقبال ، إذ يركب البحار ويقاسى الاسفار لأجل الربح الذى يظن أنه قد يحتاج إليه فى ثانى الحال ، بل لو مرض فأخبره طبيب نصرانى بأن شرب الماء البارد يضره ويسوقه إلى الموت ، وكان الماء البارد ألذ الأشياء عنده تركه ، مع أن الموت ألمه لحظة إذا لم يخف ما بعده ، ومفارقته للدنيا لا بد منها فكم نسبة وجوده فى الدنيا إلى عدمه أزلا وأبدا ؟ فلينظر كيف يبادر إلى ترك ملاذه بقول ذمى لم تقم معجزة على طبه فيقول : كيف يليق بعقلى أن يكون قول الأنبياء المؤيدين بالمعجزات عندي دون قول نصرانى يدعى الطب لنفسه بلا معجزة على طبه ولا يشهد له إلا عوام الخلق ؟ وكيف يكون عذاب النار عندي أخف من عذاب المرض وكل يوم فى الآخرة بمقدار خمسين ألف سنة من أيام الدنيا ؟ وبهذا التفكر بعينه يعالج اللذة الغالبة عليه ، ويكلف نفسه تركها ويقول : إذا كنت لا أقدر على ترك لذاتى أيام العمر وهى أيام قلائل فكيف أقدر على ذلك أبد الآباد ؟ وإذا كنت لا أطيق ألم الصبر ، فكيف أطيق ألم النار ؟ وإذا كنت لا أصبر عن زخارف الدنيا مع كدوراتها وتنغصها وامتزاج صفوها بكدرها فكيف أصبر عن نعيم الآخرة ؟ وأما تسويف التوبة فيعالجه بالفكر فى أن أكثر صياح أهل النار من التسويف ، لأن المسوف يبنى الأمر على ما ليس إليه وهو البقاء فلعله لا يبقى ، وإن بقى فلا يقدر على الترك غدا ، كما لا يقدر عليه اليوم ، فليت شعرى هل عجز فى الحال إلا لغلبة الشهوة ، والشهوة ليست تفارقه غدا ، بل تتضاعف إذ تتأكد بالاعتياد ، فليست الشهوة التى أكدها الإنسان بالعادة كالتى لم يؤكدها ، وعن هذا هلك المسوفون لأنهم يظنون الفرق بين المتماثلين ، ولا يظنون أن الأيام متشابهة فى أن ترك الشهوات فيها أبدا شاق . وما مثال المسوف إلا مثاله من احتاج إلى قلع شجرة فرآها قوية لا تنقلع إلا بمشقة شديدة فقال : أؤخرها سنة ثم أعود إليها ، وهو يعلم أن الشجرة كلما بقيت ازداد رسوخها ، وهو كلما طال عمره ازداد ضعفه ، فلا حماقة فى الدنيا أعظم من حماقته ، إذ عجز مع قوته عن مقاومة ضعيف فأخذ ينتظر الغلبة عليه إذا ضعف هو فى نفسه وقوى الضعيف .

وأما المعنى الرابع : وهو انتظار عفو الله تعالى . فعلاجه ما سبق ، وهو كمن ينفق جميع أمواله ويترك نفسه وعياله فقراء منتظرا من فضل الله تعالى أن يرزقه العثور على كنز فى أرض خربة ، فإن إمكان العفو عن الذنب مثل هذا الإمكان ، وهو مثل من يتوقع النهب من الظلمة فى بلدة وترك ذخائر أمواله فى صحن داره ، وقدر على دفنها وإخفائها فلم يفعل ، وقال : أنتظر من فضل الله تعالى أن يسلط غفلة أو عقوبة على الظالم الناهب حتى لا يتفرغ إلى دارى أو إذا انتهى إلى دارى مات على باب الدار ، فإن الموت ممكن والغفلة ممكنة ، وقد حكى فى الأسمار أن مثل ذلك وقع فأنا أنتظر من فضل الله مثله . فمنتظر هذا منتظر أمر ممكن ولكنه فى غاية الحماقة والجهل ، إذ قد لا يمكن ولا يكون .

وأما الخامس : وهو شك ، فهذا كفر ، وعلاجه الأسباب التى تعرفة صدق الرسل ، وذلك يطول . ولكن يمكن أن يعالج بعلم قريب يليق بحد عقله ، فيقال له : ما قاله الأنبياء المؤيدون بالمعجزات هل صدقة ممكن أو تقول : أعلم أنه محال كما أعلم استحالة شخص واحد ؟ فى مكانين فى حالة واحدة فإن قال : أعلم استحالته كذلك فهو أخرق معتوه , وكأنه لا وجود لمثل هذا فى العقلاء ، وإن قال : أنا شاك فيه , فيقال : لو أخبرك شخص واحد مجهول عند تركك طعامك فى البيت لحظة أنه ولغت فيه حية وألقت سمها فيه وجوزت صدقة فهل تأكله أو تتركه وإن كان ألذ الأطعمة , فيقول : أتركه لا محالة لأنى أقول : إن كذب فلا يفوتنى إلا هذا الطعام والصبر عنه , وإن كان شديدا فهو قريب , وإن صدق فتفوتنى الحياة ، والموت بالإضافة إلى ألم الصبر عن الطعام وإضاعته شديد ، فيقال له : يا سبحان الله كيف تؤخر صدق الأنبياء كلهم مع ما ظهر لهم من المعجزات وصدق كافة الأولياء والعلماء والحكماء بل جميع أصناف العقلاء - ولست أعنى بهم جهال العوام بل ذوى الألباب - عن صدق رجل واحد مجهول لعل له غرضا فيما يقول ؟ فليس فى العقلاء إلا من صدق باليوم الآخروأثبت ثوابا وعقابا وإن اختلفوا فى كيفيته ، فإن صدقوا فقد أشرفت على عذاب يبقى أبد الآباد ، وإن كذبوا فلا يفوتك إلا بعض شهوات هذه الدنيا الفانية المكدرة فلا يبقى له توقف إن كان عاقلا مع هذا الفكر إذ لا نسبة لمدة العمر إلى أبد الآباد ، بل لو قدرنا الدنيا مملوءة بالذرة وقدرنا طائرا يلتقط فى كل ألف ألف سنة حبة واحدة منها لفنيت الذرة ولم ينقص أبد الآباد شيئا ، فكيف يفتر رأى العاقل فى الصبر عن الشهوات مائة سنة مثلا لأجل سعادة تبقى أبد الآباد ؟ ولذلك قال أبو العلاء أحمد بن سليمان التنوخى المعري :

قال المنجـم والطبيـب كلاهمـا لا تبعـث الأمـوات قلت إليكما

إن صـح قولكمـا فلست بخاسر أو صـح قولى فالخسار عليكمـا

لذلك قال على رضى الله عنه لبعض من قصر عقله عن فهم تحقيق الأمور وكان شاكا : إن صح ما قلت فقد تخلصنا جميعا وإلا فقد تخلصت وهلكت ! أى العاقل يسلك طريق الأمن فى جميع الأحوال .

فإن قلت : هذه الأمور جلية ولكنها ليست تنال إلا بالفكر فما بال القلوب هجرت الفكر فيها واستثقلته ؟ وما علاج القلوب لردها إلى الفكر لا سيما من آمن بأصل الشرع وتفصيله ؟ فاعلم أن المانع من الفكر أمران ( أحدهما ) أن الفكر النافع هو الفكر فى عقاب الآخرة وأهوالها وشدائدها وحسرات العاصين فى الحرمان عن النعيم المقيم ، وهذا فكر لداغ مؤلم للقلب فينفر القلب عنه ويتلذذ بالفكر فى أمور الدنيا على سبيل التفرج والاستراحة . ( والثاني ) أن الفكر شغل فى الحال مانع من لذائذ الدنيا وقضاء الشهوات ، وما من إنسان إلا وله فى كل حالة من أحواله ونفس من أنفاسه شهوة قد تسلطت عليه واسترقته فصار عقله مسخرا لشهوته فهو مشغول بتدبير حيلته ، وصارت لذته فى طلب الحيلة فيه أو فى مباشرة قضاء الشهوة والفكر يمنعه من ذلك . أما علاج هذين المانعين : فهو أن يقول لقلبه : ما أشد غباوتك فى الاحتراز من الفكر فى الموت وما بعده تألما بذكره مع استحقار ألم مواقعته ، فكيف تصبر على مقاساته إذا وقع وأنت عاجز عن الصبر على تقدير الموت وما بعده ومتألم به ؟ وأما الثانى وهو كون الفكر مفوتا للذات الدنيا : فهو أن يتحقق أن فوات لذات الآخرة أشد وأعظم ، فإنها لا آخر لها ولا كدورة فيها ، ولذات الدنيا سريعة الدثور ، وهى مشوبة بالمكدرات ، فما فيها لذة صافيه عن كدر ، وكيف وفى التوبة عن المعاصى والإقبال على الطاعة تلذذ بمناجاة الله تعالى واستراحة بمعرفته وطاعته وطول الأنس به ؟ ولو لم يكن للمطيع جزاء على عمله إلا ما يجده من حلاوة الطاعة وروح الأنس بمناجاة الله تعالى لكان ذلك كافيا ، فكيف بما ينضاف إليه من نعيم الآخرة ؟ نعم هذه اللذة لا تكون فى ابتداء التوبة ، ولكنها بعد ما يصير عليها مدة مديدة ، وقد صار الخير ديدنا ، كما كان الشر ديدنا ، فالنفس قابلة - ما عودتها تتعود - والخير عادة والشر لجاجة .

فإذن هذه الأفكار هى المهيجة للخوف المهيج لقؤة الصبر عن اللذات ، ومهيج هذه الأفكار وعظ الوعاظ وتنبيهات تقع للقلب بأسباب تتفق لا تدخل فى الحصر ، فيصير الفكر موافقا للطبع فيميل القلب إليه ، ويعبر عن السبب الذى أوقع الموافقة بين الطبع والفكر الذى هو سبب الخير بالتوفيق ، إذ التوفيق هو التأليف بين الإرادة ، وبين المعنى الذى هو طاعة نافعة فى الآخرة ، وقد روى فى حديث طويل : أنه قام عمار بن ياسر فقال لعلي بن ابى طالب كرم الله وجهه : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الكفر على ماذا بنى ؟ فقال على رضى الله عنه : بنى على أربع دعائم : على الجفاء ، والعمى ، والغفلة ، والشك ، فمن جفا احتقر الحق وجهر بالباطل ومقت العلماء ،ن ومن عمى نسى الذكر ، ومن غفل حاد عن الرشد ، ومن شك غرته الأمانى فأخذته الحسرة والندامة وبدا له من الله ما لم يكن يحتسب ،

هذا قليل من كثير عن التوبة وهو مختصر كتاب التوبة للإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله


التوبة 2

التوبة 2

التوبة هي ترك الذنب والذنب عبارة عن كل ما هو مخالف لأمر الله تعالى في ترك أو فعل ، وتفصيل ذلك يستدعى شرح التكليفات من أولها إلى آخرها .
بيان أقسام الذنوب

. قسمة1: اعلم أن الذنوب تقسم إلى ما بين العبد وبين الله تعالى وإلى ما يتعلق بحقوق العباد . وما يتعلق بالعباد فالأمر فيه أغلظ ، وما بين العبد وبين الله تعالى إذا لم يكن شركا فالعفو فيه أرجى وأقرب
قسمة 2 : اعلم أن الذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر ، وقد كثر اختلاف الناس فيها قال تعالى : ﴿ إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ﴾ ( النساء : 31 ) . وقال تعالى : ﴿ الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ﴾ ( النجم : 32) وقال صلى الله عليه وسلم : (( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة يكفرن ما بينهن إن اجتنبت الكبائر )) وفى لفظ آخر : (( كفارات لما بينهن إلا الكبائر )) وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص : (( الكبائر : الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس )) . وكان ابن عباس إذا بلغه قول ابن عمر الكبائر سبع يقول : هن إلى سبعين أقرب منها إلى سبع . وقال مرة :كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة . وقال غيره : كل ما أوعد الله عليه بالنار فهو من الكبائر . وقال بعض السلف : كل ما أوجب عليه الحد فى الدنيا فهو كبيرة . وقال ابن مسعود لما سئل عنها : اقرأ من أول سورة النساء إلى رأس ثلاثين آية منها عند قوله ﴿ إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه ﴾ ( النساء : 31 ) فكل ما نهى الله عنه فى هذه السورة إلى هنا فهو كبيرة . وقال أبو سعيد الخدري وغيره من الصحابة : إنكم لتعملون أعمالا هى أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكبائر . وقالت طائفة : كل عمد كبيرة ، وكل ما نهى عنه فهو كبيرة وكشف الغطاء عن هذا أن نظر الناظر في السرقة أهى كبيرة أم لا : لا يصح ، ما لم يفهم معنى الكبيرة ، فالكبيرة من حيث اللفظ مبهم ليس له موضوع خاص في اللغة ولا في الشرع ، وذلك لأن الكبير والصغير من المضافات ، وما من ذنب إلا وهو كبير بالإضافة إلى ما دونه ، وصغير بالإضافة إلى ما فوقه ، فالمضاجعة مع الأجنبية بالاضافة إلى النظرة صغيرة بالإضافة إلى الزنا ، وقطع يد المسلم كبيرة إلى ضربة صغيرة بالاضافة إلى قتله . نعم للإنسان أن يطلق على ما توعد بالنار على فعله خاصة اسم الكبيرة ، ونعنى بوصفه بالكبيرة : أن العقوبة بالنار عظيمة ، وله أن يطلق على ما أوجب الحد عليه مصيرا إلى أن ما عجل عليه في الدنيا عقوبه واجبة عظيم ، وله أن يطلق على ما ورد في نص الكتاب النهى عنه فيقول : تخصيصه بالذكر في القرآن يدل على عظمه ، ثم يكون عظيما وكبيرة لا محالة ، بالاضافة إذ منصوصات القرآن أيضا تتفاوت درجاتها ، فهذه الإطلاقات لا حرج فيها ، وما نقل من ألفاظ الصحابه يتردد بين هذه الجهات ولا يبعد تنزيلها على شىء من هذه الاحتمالات ، نعم من المهمات أن تعلم معنى قول الله تعالى : ﴿ إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ﴾ ( النساء : 31 ) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الصلوات كفارات لما بينهن إلا الكبائر )) فإن هذا إثبات حكم الكبائر ، والحق في ذلك أن الذنوب منقسمة في نظر الشرع إلى ما يعلم استعظامه إياها ، وإلى ما يعلم إنها معدودة في الصغائر ، وإلى ما يشك فيه ، فلا يدرى حكمه ، فالطمع في معرفة حد حاصر أو عدد جامع مانع طلب لما لم يمكن ، فإن ذلك لا يمكن إلا بالسماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يقول : إني أردت بالكبائر عشرا أو خمسا ويفصلها فإن لم يرد هذا بل ورد في بعض الألفاظ (( ثلاث من الكبائر )) وفي بعضها (( سبع من الكبائر )) علم أنه لم يقصد به العدد بما يحصر ، فكيف يطمع في عدد ما لم يعده الشرع ؟ وربما قصد الشرع ابهامه ليكون العباد منه على وجل ، كما أبهم ليلة القدر ليعظم جد الناس في طلبها ،
الكبائر والإبهام أليق به حتى يكون الناس على وجل وحذر فلا يتجرءون على الصغائر اعتمادا على الصلوات الخمس ، وكذلك اجتناب الكبائر يكفر الصغائر بموجب قوله تعالى : ﴿ إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ﴾ ( النساء : 31 ) ولكن اجتناب الكبيرة إنما يكفر الصغيرة إذا اجتنبها مع القدرة والإرادة ، كمن يتمكن من امرأة ومن مواقعتها فيكف نفسه عن الوقاع ،

بيان ما تعظم به الصغائر من الذنوب

اعلم أن الصغيرة تكبر بأسباب : منها الإصرار والمواظبة ، ولذلك قيل : لا صغيرة مع إصرار ، ولا كبيرة مع استغفار . فكبيرة واحدة تنصرم ولا يتبعها مثلها لو تصور ذلك كان العفو عنها أرجى من صغيرة يواظب العبد عليها ، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( خير الأعمال أدومها وإن قل ))
فكل كبيرة تكتنفها صغائر سابقة ولا حقة ولو تصورت كبيرة وحدها بغتة ولم يتفق إليها عود ربما كان العفو فيها أرجى من صغيرة واظب الإنسان عليها عمره . ومنها أن يستصغر الذنب ، فإن الذنب كلما استعظمه العبد من نفسه صغر عند الله تعالى ، لأن استعظامه يصدر عن نفور القلب عنه وكراهيته له ، وذلك النفور يمنع من شدة تأثره به ، واستصغاره يصدر عن الألف به ، وذلك يوجب شدة الأثر في القلب ، وقد جاء في الخبر : (( المؤمن يرى ذنبه كالجبل فوقه يخاف أن يقع عليه والمنافق يرى ذنبه كذباب مر على أنفه فأطاره )) ، وإنما يعظم الذنب في قلب المؤمن لعلمه بجلال الله ، فإذا نظر الى عظم من عصى به رأى الصغيرة كبيرة ، وبهذا الاعتبار قال بعض الصحابة رضى الله عنهم للتابعين : وإنكم لتعملون أعمالا هى في أعينكم أدق من الشعر كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات . إذ كانت معرفة الصحابة بجلال الله أتم فكانت الصغائر عندهم بالإضافة الى جلال الله تعالى من الكبائر ، وبهذا السبب يعظم من العالم ما لا يعظم من الجاهل ، ويتجاوز عن العامى في أمور لا يتجاوز في أمثالها عن العارف ، لأن الذنب والمخالفة يكبر بقدر معرفة المخالف ، ومنها السرور بالصغيرة والفرح والتبجح بها واعتداد التمكن من ذلك نعمة والغفلة ، عن كونه سبب الشقاوة ، فكلما غلبت حلاوة الصغيرة عند العبد كبرت الصغيرة وعظم أثرها في تسويد قلبه ، حتى ان من المذنبين من يتمدح بذنبه ، ويتبجح به لشدة فرحه بمقارفته إياه ، كما يقول : أما رأيتنى كيف مزقت عرضه ؟ ويقول المناظر في مناظرته : أما رأيتنى كيف فضحته ؟ وكيف ذكرت مساوية حتى أخجلته ؟ وكيف استخففت به ؟ وكيف لبست عليه ؟ ويقول المعامل في التجارة : أما رأيت كيف روجت عليه الزائف ؟ وكيف خدعته ؟ وكيف غبنته في ماله ؟ وكيف استحمقته ؟ فهذا وأمثاله تكبر به الصغائر ، ، ومنها أن يتهاون بستر الله عليه وحلمه عنه وإمهاله إياه ولا يدرى أنه إنما يمهل مقتا ليزداد بالإمهال إثما ، فيظن أن تمكنه من المعاصى عناية من الله تعالى به ، فيكون ذلك لأمنه من مكر الله وجهله بمكامن الغرور بالله ، كما قال تعالى : ﴿ ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير ﴾ ( المجادلة : 8 ) ومنها أن يأتى الذنب ويظهره بأن يذكره بعد إتيانه أو يأتيه في مشهد غيره فإن ذلك جناية منه على ستر الله الذى سدله عليه وتحريك لرغبة الشر فيمن أسمعه ذنبه أو أشهده فعله ، فهما جنايتان انضمتا الى جنايته فغلظت به ، فإن انضاف الى ذلك الترغيب للغير فيه والحمل عليه وتهيئة الأسباب له صارت جناية رابعه وتفاحش الأمر ، وفى الخبر : (( كل الناس معافى إلا المجاهرين يبيت أحدهم على ذنب قد ستره الله عليه فيصبح فيكشف ستر الله ويتحدث بذنبه )) وهذا لأن من صفات الله ونعمه أنه يظهر الجميل ويستر القبيح ولا يهتك الستر . فالإظهار كفران لهذه النعمة . وقال بعضهم : لا تذنب فإن كان ولا بد فلا ترغب غيرك فيه فتذنب ذنبين ، ولذلك قال تعالى : ﴿ المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ﴾ ( التوبة : 67 ) وقال بعض السلف : ما انتهك المرء من أخيه حرمه أعظم من أن يساعده على معصية ثم يهونها عليه . ومنها أن يكون المذنب عالما يقتدى به فإذا فعله بحيث يرى ذلك منه كبر ذنبه كلبس العالم الإبريسم وركوبه مراكب الذهب ، وأخذه مال الشبهة من أموال السلاطين ، ودخوله على السلاطين وتردده عليهم ومساعدته إياهم بترك الإنكار عليهم وإطلاق اللسان فى الأعراض وتعديه باللسان في المناظرة وقصده الاستخفاف واشتغاله من العلوم بما لا يقصد منه إلا الجاه كعلم الجدل والمناظرة . فهذه ذنوب يتبع العالم عليها فيموت العالم ويبقى شره مستطيرا فى العالم آماد متطاولة ، فطوبى لمن إذا مات ماتت ذنوبه معه وفى الخبر : (( من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئا )) وقال تعالى : ﴿ ونكتب ما قدموا وآثارهم ﴾ ( يس : 12 ) والآثار ما يلحق من الأعمال بعد انقضاء العمل والعامل . وقال ابن عباس : ويل للعالم من الاتباع ، يزل زلة فيرجع عنها ويحملها الناس فيذهبون بها في الآفاق . وقال بعضهم : مثل زلة العالم مثل انكسار السفينة تغرق ويغرق أهلها . وكما تتضاعف أوزارهم على الذنوب فكذلك يتضاعف ثوابهم على الحسنات إذا أتبعوا ، فإذا ترك التجمل والميل الى الدنيا وقنع منها باليسير ، ومن الطعام بالقوت ، ومن الكسوة بالخلق ، فيتبع عليه ويقتدي به العلماء والعوام فيكون له مثل ثوابهم ، وإن مال الى التجمل مالت طباع من دونه الى التشبه به ولا يقدرون على التجمل إلا بخدمة السلاطين وجمع الحطام من الحرام ، ويكون هو السبب في جميع ذلك ، فحركات العلماء في طورى الزيادة والنقصان ، تتضاعف آثارها أما بالربح ، وإما بالخسران .
وأما المعاصى فيجب أن يفتش من أول بلوغه عن سمعه وبصره ولسانه وبطنه ويده ورجله وفرجه وسائر جوارحه ، ثم ينظر في جميع أيامه وساعاته ، ويفصل عند نفسه ديوان معاصيه حتى يطلع على جميعها ؛ صغائرها وكبائرها ثم ينظر فيها ، فما كان من ذلك بينه وبين الله تعالى من حيث لا يتعلق بمظلمة العباد ، كنظر الى غير محرم وشرب خمر وسماع ملاه وغيره ذلك مما لا يتعلق بمظالم العباد ، فالتوبة عنها بالندم والتحسر عليها وبأن يحسب مقدارها من حيث الكبر ومن حيث المدة ويطلب لكل معصية منها حسنة تناسبها فيأتى من الحسنات بمقدار تلك السيئات أخذا من قوله صلى الله عليه وسلم : (( اتق الله حيث كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها )) بل من قوله تعالى : ﴿ إن الحسنات يذهبن السيئات ﴾ ( هود : 114 ) فيكفر سماع الملاهى بسماع القرآن وبمجالس الذكر ويكفر شرب الخمر بالتصدق بشراب حلال هو أطيب منه وأحب إليه ، وعد جميع المعاصى غير ممكن وإنما المقصود سلوك الطريق المضادة فإن المرض يعالج بضده ، فكل ظلمة ارتفعت إلى القلب بمعصية فلا يمحوها إلا نور يرتفع إليها بحسنة تضادها ، ، قال صلى الله عليه وسلم : (( من الذنوب ذنوب لا يكفرها إلا الهموم )) وفى لفظ آخر (( إلا الهم بطلب المعيشة )) وفى حديث عائشة رضى الله عنها : (( إذا كثرت ذنوب العبد ، ولم تكن له أعمال تكفرها أدخل الله تعالى عليه الهموم فتكون كفارة لذنوبه )) ويقال : إن الهم الذى يدخل على القلب والعبد لا يعرف هو ظلمه الذنوب والهم بها ،.
، ومظالم العباد إما فى النفوس أو الأموال أو الأعراض أو القلوب أعنى به الإيذاء المحض . أما النفوس فإن جرى عليه قتل خطأ فنوبته بتسليم الدية ووصولها الى المستحق إما منه أو من عاقلته وهو فى عهدة ذلك قبل الوصول ، وإن كان عمدا موجبا للقصاص فبالقصاص ، فإن لم يعرف فيجب عليه أن يتعرف عند ولى الدم ويحكمه فى روحه فإن شاء عفا عنه وإن شاء قتله ولا تسقط عهدته إلا بهذا ، ولا يجوز له الإخفاء وليس هذا كما لو زنى أو شرب أو سرق أو قطع الطريق أو باشر ما يجب عليه فيه حد الله تعالى فإنه لا يلزمه فى التوبة أن يفضح نفسه ويهتك ستره ويلتمس من الوالى استيفاء حق الله تعالى ، بل عليه أن بستر الله تعالى ويقيم حد الله ، على نفسه بأنواع المجاهدة والتعذيب ، فالعفو فى محض حقوق الله تعالى قريب من التائبين النادمين فإن أمر هذه الى الوالى حتى أقام عليه الحد وقع موقعه وتكون توبته صحيحة مقبوله عند الله تعالى بدليل ما روى أن ما عز بن مالك أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إنى قد ظلمت نفسى وزنيت ، وإنى أريد أن تطهرنى ، فرده ، فلما كان من الغد اتاه فقال : يا رسول الله إنى قد زنيت ، فرده الثانية ، فلما كان فى الثالثة ، أمر به فحفر له حفرة ثم أمر به فرجم ، فكان الناس فيه فريقين : فقائل يقول لقد هلك وأحاطت به خطيئته ، وقائل يقول ما توبة أصدق من توبته . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لو سعتهم )) . وجاءت الغامدية فقالت : يا رسول الله إنى قد زنيت فطهرنى ، فردها ، فلما كان من الغد قالت : يا رسول الله لم تردنى لعلك تريد أن ترددنى كما رددت ما عزا فو الله إنى لحبلى ، فقال صلى الله عليه وسلم : (( أما الآن فاذهبي حتى تضعي )) ، فلما ولدت أتت بالصبى فى خرقة فقالت : هذا قد ولدته ، قال : (( اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه )) فلما فطمته أتت بالصبي وفى يده كسرة خبز فقالت : يانبى الله قد فطمته وقد أكل الطعام ، فدفع الصبى إلى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها ، فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فتنضح الدم على وجهه فسبها ، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبه إياها فقال : (( مهلا يا خالد فو الذى نفسى بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له )) ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت .
وأما القصاص وحد القذف : فلا بد من تحليل صاحبه المستحق فيه ، وإن كان المتناول مالا تناوله بغصب أو خيانة أو غبن فى معاملة بنوع تلبيس كترويج زائف أو ستر عيب من المبيع أو نقص أجرة أجير أو منع اجرته فكل ذلك يجب أن يفتش عنه لا من حد بلوغه بل من أول مدة وجوده ، فإن ما يجب فى مال الصبى يجب على الصبي إخراجه بعد البلوغ إن كان الولى قد قصر فيه ، فإن لم يفعل كان ظالما مطالبا به إذ يستوى فى الحقوق المالية الصبي والبالغ وليحاسب نفسه على الحبات والدوانق من أول يوم حياته إلى يوم توبته قبل أن يحاسب فى القيامة ، وليناقش قبل أن يناقش ، فمن لم يحاسب نفسه فى الدنيا طال فى الآخرة حسابه ، فإن حصل مجموع ما عليه بظن غالب ونوع من الاجتهاد ممكن فليكتبه وليكتب أسامى أصحاب المظالم واحدا واحدا ، وليطف فى نواحى العالم وليطلبهم وليستحلهم أو ليؤد حقوقهم ، وهذه التوبة تشق على الظلمة وعلى التجار فإنهم لا يقدرون على طلب المعاملين كلهم ولا على طلب ورثتهم ، ولكن على كل واحد منهم أن يفعل منه ما يقدر عليه فإن عجز فلا يبقى له طريق إلا أن يكثر من الحسنات حتى تفيض عنه يوم القيامة فتؤخذ حسناته وتوضع فى موازين أرباب المظالم ، ولكن كثرة حسناته بقدر كثرة مظالمه فإنه إن لم تف بها حسناته حمل من سيئاته أرباب المظالم فيهلك بسيئات غيره ، فهذا طريق كل تائب فى رد المظالم وهذا يوجب استغراق العمر فى الحسنات لو طال العمر بحسب طول مدة الظلم فكيف وذلك مما لا يعرف ؟ وربما يكون الأجل قريبا ؟ فينبغى أن يكون تشميرة للحسنات ، والوقت ضيق أشد من تشميرة الذى كان فى المعاصى فى متسع الأوقات ، هذا حكم المظالم الثابتة فى ذمته .


أما أمواله الحاضرة : فليرد إلى المالك ما يعرف له مالكا معينا وما لا يعرف له مالكا فعليه أن يتصدق به ، فإن اختلط الحلال بالحرام فعليه أن يعرف قدر الحرام بالاجتهاد ، ويتصدق بذلك المقدار

وأما الجناية على القلوب بمشافهة الناس بما يسوؤهم أو يعبهم فى الغيبة فيطلب كل من تعرض له بلسان أو آذى قلبه بفعل من أفعاله وليستحل واحدا واحدا منهم ، ومن مات أو غاب فقد فات أمره ولا يتدارك إلا بتكثير الحسنات لتؤخذ منه عوضا فى القيامة ، وأما من وجده وأحله بطيب قلب منه فذلك كفارته ، وعليه أن يعرفه قدر جنايته ، وتعرضه له فالاستحلال المبهم لا يكفى ، وربما لو عرف ذلك وكثرة تعدية عليه لم تطب نفسه بالإحلال وادخر ذلك فى القيامة ذخيرة يأخذها من حسناته أو يحمله من سيئاته ، فإن كان فى جملة جنايته على الغير ما لو ذكره وعرفه لتأذى بمعرفته كزناه بجاريته أو أهله أو نسبته باللسان إلى عيب من خفايا عيوبه يعظم أذاه مهما شوفة به فقد انسد عليه طريق الاستحلال ، فليس له إلا أن يستحل منها ثم تبقى له مظلمة فليجبرها بالحسنات كما يجبر مظلمة الميت والغائب .

وفى المتفق عليه من الصحيحين عن أبى سعيد الخدرى أن نبى الله صلى الله عليه وسلم قال : (( كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا ، فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال : إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة ؟ قال : لا، فقتله ، فكمل به مائة . ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال له : إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ؟ قال : نعم ، ومن يحول بينه وبين التوبة ، انطلق إلى الأرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله عز وجل فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت ، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة ، وملائكة العذاب ، فقالت ملائكة الرحمة : جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله . وقالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيرا قط . فأتاهم ملك فى صورة آدمي فجعلوه حكما بينهم فقال : قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له . فقاسوا ، فوجوده أدنى إلى الأرض التى أراد ، فقبضته ملائكة الرحمة )) وفى رواية (( فكان إلى القرية الصالحة أقرب منها بشبر فجعل من أهلها )) وفى رواية (( فأوحى الله تعالى الى هذه أن تباعدى وإلى هذه أن تقربى ، وقال : قيسوا ما بينهما ، فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر ، فغفر له )) فبهذا تعرف أنه لاخلاص إلا برجحان ميزان الحسنات ولو بمثقال ذرة ، فلا بد للتائب من تكثير الحسنات ، هذا حكم القصد المتعلق بالماضى .

وأما العزم المرتبط بالاستقبال فهو أن يعقد مع الله عقدا مؤكدا ويعاهده بعهد وثيق أن لا يعود إلى تلك الذنوب ولا إلى أمثالها ، ولا يكون تائبا ما لم يتأكد عزمه فى الحال ، ولا يتصور أن يتم ذلك للتائب فى أول أمره إلا بالعزلة والصمت وقلة الأكل والنوم وإحراز قوت حلال ، فإن كان له مال موروث حلال أو كانت له حرفة يكتسب بها قدر الكفاية فليقتصر عليه ، فإن رأس المعاصى أكل الحرام فكيف يكون تائبا مع الإصرار عليه ، ولا يكتفى بالحلال وترك الشبهات من لا يقدر على ترك الشهوات فى المأكولات والملبوسات



، والخوف إذا كان من فعل ماض أورث الندم ، والندم يورث العزم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( الندم توبة )) ولم يشترط الندم على كل ذنب وقال : (( التائب من الذنب كمن لا ذنب له )) ولم يقل التائب من الذنوب كلها .





الأربعاء، 4 أغسطس 2010

لقاء مع الخوف علي شواطئ الموت

التوبة

الثلاثاء، 3 أغسطس 2010

خطة محكمة - كفاية بقي

شركاء في التغيير

مروا من هنا

Blog Archive

قائمة المدونات الإلكترونية