الثلاثاء، 3 نوفمبر 2009

علي الرصيف 2

علي الرصيف 2

جلست علي الرصيف منتظر القطار بصحبة جملة من العلماء الرابط المميز لهم أو القاسم المشترك بينهم هو الإبداع وصدق دكتور محمد عبد الرحمن جوهر إذ جمع نبذه عن كل منهم في كتاب وسماه علماء مبدعون ، فكتاب علماء مبدعون كان رفيقي في يوم 10 أكتوبر 2009 وأنا في انتظار قطار 930

لا أدري لماذا كنت أشعر أن اليوم يوم غير عادي مع إني في الساعة العاشرة مساءا تقريبا وبالتالي فإن اليوم قد انتهي
كان هناك نسيم جميل هواء منعش أشبه بجو ربيعي
ومع هذا الجو الربيعي بدأت أطالع في الكتاب وكان في مطلعه تلك المقولة

" أن تري الكون في حصاة من الرمل ، والسماء في زهرة برية فقد مسكت اللانهاية في راحة يدك ، وفي ساعة حضنت الأبدية " " وليم بليك "

تلك كانت أول السهرة ومع الهواء العليل وجدت نفسي أسيح في الكون مع بقائي في مكاني ، تحولت حواسي إلي لاقطات لأي ذبذبه يرسلها الكون من حولي ، وكانت الحواس تتحرك في حرية وكأنها تركت أعضائها فلم يعد السمع خاص بالأذن فقد كنت أسمع أشياء بعيدة كل البعد عن أذني وكذلك الرؤية فلقد كنت أري خارج مجال بصري المحدود وكذا باقي الحواس

مرت بجواري قطة لونها أبيض في أصفر مشمي ثم جلست بجوار الرصيف سرحت وأنا أنظر إليها تتبعت خطواتها رأيت كيف تحرك أذنيها يمنة ويسرة في سرعة وخفة ورشاقة وكأنها بتوجه مؤشر راديو بحذر للبحث عن أي موجة تلتقطها
ولكن لماذا بحذر لأن هذه الموجة فيها معلومات مهمة و تتعلق هذه المعلومات بحياتها فلو فقدت الموجة لماتت القطة
نعم فلقد كانت ترسل أذنيها يمنة ويسرة في اتجاه قضيب القطار تلتقط هل هناك قطار قادم أم لا وإن كان فمن أي جهة

لم تلتقط أي شيئ عرفت القطة أن الطريق سالك وأنه لا يوجد خطر في مرورها فوق القضبان التي تفصل بين محطة القاهرة ومحطة الاسكندرية ، فعزمت عزمتها وأخذت قرارها لتعبر أربع أزواج من القضبان
ها هي تقفز وتجري جريتها الرائعة كم هي رشيقة حركات القطة
وذكرتني القطة بقصة قصيرة عن القطة والكلب لفؤاد حداد كم كانت جميلة هذه القصة أود أن أسردها عليكم ولكن لنجعل هذا في وقت آخر ثم أكملت القراءة في الكتاب
وكان في التمهيد للكتاب عجبا فلقد رأيت رؤية رائعة للمؤلف محمد عبد الرحمن جوهر والراجل شكله من الاسكندرية فلقد وقع نهاية التمهيد بالاسكندرية فبراير 1992 ولكن ماهي الرؤية التي ذكرها الاستاذ اسمع مايقول
" منذ عدة سنوات قليلة ترددت في جنبات مجتمعنا بعض المقولات التي يعتقد أنها تساعد علي تكريس التخلف الذي لا شك نعاني منه ، أو علي الأقل يعاني منه من يشعر به ويستشعره "

تكريس التخلف نعم تتردد في فضاء معرفتنا ليل نهار في الإذاعة والتلفاز والجرائد والصحف وعلي المنابر وفي الخطب من الشمال والجنوب والشرق والغرب مقولات من شأنها أن تكرس التخلف ومن هذه المقولات أن نيوتن أكتشف الجاذبية لما وقعت عليه تفاحة ، وما الخطا في تلك المقولة
دعني أقول لك ماذا تفعل هذه المقولة في سياقها التي نسمعها ليل نهار إنها ترسخ في الذهن أن العلم إنما يكتشف صدفة ، وعندما يترسخ في الذهن أن العلم إنما يكتشف صدفة تنهار فكرة أن العلم نسقا من فروض ناجحة ، كما يتهاوي دور التجارب والقياس والملاحظات فيه وهذا ما يكرس التخلف
ونقول لكل من يتشدق بأمثال تلك الكلمات ولماذا لم تكتشف أنت أي شيئ
الفرق أن نيوتن كان عالم يعيش بأفكار وهموم واهتمامات ، وكذلك كل عالم وحين يعيش المرء بهم وهموم واهتمامات يتحول جسده كله إلي مراكز استشعار لحل تلك المعضلات التي تسبح في فضاء ذهنه فعندما تقع التفاحة فلا يكتشف الجاذبية إلا تلك العقول التي كانت مشغولة بغير بطنها وفرجها

هذا هو الفرق ولا يأتي العلم أبدا صدفة لرجل فارغ البال هايف لا يشغله أي شيئ
إنما يأتي العلم ويفتح علي العلماء الذين باتوا ليل نهار يفكرون في ضية أو قضايا معينة حتي تحل أو يضعوا لها فروض وتصورات تعين الجيل التالي علي حلها

لذا جمع المؤلف هذا الكتاب ليبين كيف كانت حياة هؤلاء الأبطال أبطال المعرفة الذين أضائوا نورا للبشرية تستضيئ به في هذه الحياة لتكمل البشرية مسيرتها إلي أن يأتي وعد الله المكتوب

أرأيت كيف كان للرجل رؤية

شجعني هذا مع الجو المنعش علي القراءة

أول رجل أراد أن يتكلم في هذه السهرة الرصيفية الساحرة كان الراهب الذي خالف الكنيسة إنه نيقولاس كوبرنيكوس
ماذا قال وماذا فعل هذا ما سنتعرف عليه في المقالة القادمة من علي الرصيف

ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات

شركاء في التغيير

مروا من هنا

Blog Archive

قائمة المدونات الإلكترونية