الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

أفيون الشعوب

أفيون الشعوب




دائما أو قل غالبا ما يسير الحكام في اتجاهات مصالحهم الشخصية ضاربين عرض الحائط برغبة ومصلحة شعوبهم ، ولكي لا يجدوا معوقات تعوقهم وتمنعهم من تحقيق مآربهم دأبوا علي إعطاء مخدرات ومسكنات وملهيات ومسكرات لشعوبهم وعبر التاريخ اتفقوا علي تخدير الشعوب وإن إختلفوا في المخدر


ففي العصر الروماني كانت المشاهد الرومانية للمصارع إحد تلك المخدرات وفي العصر الفرعوني كان السحر هي الآداة التي يستغلها الحكام ليطبقوا الخناق علي الشعوب ويجعلوها تسير وفق ما يراه الحاكم ويرضاه


ألم يقل فرعون " ما أريكم إلا ما أري " وحين أتي موسي بالبينات والمعجزات جمع له فرعون السحرة حتي قال الناس الذين ذهبوا ليروا تلك المناظرة وهذا التحدي بين موسي والسحرة " لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين "


ولكن موسي انتصر وسجد السحرة لله رب العالمين وكان هذا نهاية عصر السحر وهيمنته علي الشعوب


وارتقي الناس في أفهامهم وتصوراتهم وارتقي الحكام في أساليبهم لترويض هذا الأسد ( الشعوب ) وجعله كقط أليف لا يري لايسمع ولايتكلم






فحولوا الدين نفسه الذي جاء لمحاربة الطواغيت ولإذعان الناس كافة لسلطان الله القاهر إلي أفيون يخدرون الناس به ويجعلوهم يسكنون إلي الذل ويرضون بالهوان


ولا يمكن أن يكون الدين نفسه أفيون ولكن تصورات الناس الدينية هي ذلك الأفيون


وليس هذا خاصا بملة دون ملة ونحلة دون نحلة ، فأهل الإسلام اليوم لديهم أفكار خاطئة عن الدين كما أن للأديان الأخري أفكار بل عقائد خاطئة






وقل لي بالله عليك إن لم يكن الأمر علي ما أقول كيف نفسر أن البقعة الإسلامية والدول الإسلامية هي الدول الوحيدة علي ظهر الأرض التي يحكم فيه الحاكمون مدي الحياة لا يستطيعون أن يبدلوا أو يغيروا حاكم كائنا من كان






وهذا ما دعي الامام محمد عبده إلي القول بأن سلطة الحاكم في الاسلام سلطة مدنية لا دينية فليس للحاكم أي سلطان ديني علي أحد


وكأني بالرجل يأن أنين المكلوم ما جعله يصرخ بتلك الكلمات التي تسلب الحكام أي نفوذ أو سلطان ديني


ولكن كلام أحسن من كلام الامام محمد عبده هو ما ذهب إليه عبد الله محمد عبدالله – في رسالته للدكتوراه المطبوعة بتاريخ 1996 تحت عنوان ولاية الحسبة في الإسلام – يقول وهو ينقل عن ابن خلدون : جوهر كل نظام هو القانون فنوع القانون هو الذي يحدد طبيعة النظام الصالح للحكم ثم يحكي أن القوانين عنده ثلاث :


1- النظام " الملك الطبيعي " ومعناه : حمل الكافة علي مقتضي الغرض والشهوة كحب الذات والرغبة في الاستعلاء .


2- النظام " الملك السياسي" ومعناه: حمل الكافة علي مقتضي النظر العقلي في جلب مصالح الدنيا ودفع مضارها.


3- النظام" الخلافة" وهي حمل الكافة عي مقتضي النظر الشرعي في مصالحهم الدنيوية والأخروية الراجعة إليهما لأن المصالح جميعها راجعة إلي الآخرة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا .






فقول الامام محمد عبده وقول كثير من الناس اليوم الذين أصابهم القرح من ظلم الحكام في شؤونهم الدنيوية يندرج تحت رقم 2






وهذا قالوه لأنهم اعتقدوا استحالة تحقيق رقم 3 وهي نظام الخلافة






إذ جعل الحكام الدين قيد من حرير يقيدون به إرادة الشعوب وحريتها ، ولقد فطن لذلك نابليون بونابرت لذا حين أتي إلي مصر محتلا لها قال لهم أنتم تؤمنون بالقضاء والقدر وأنا قدركم فعليكم الاستسلام لي ، ثم أخذ بالتمسح بمسوح الدين والدروشة والتصوف


وحين قل الوازع الديني لدي الشعوب تحول الحكام والسلاطين إلي مخدرات وأفيون آخر فكانت الأغاني والطرب هي الأفيون الذي ينام الناس عليه وينسون الدنيا وما فيها وأشهر مثال لذلك أم كلثوم التي ذهبت لمدي بعيد جدا في تخدير الأمة و تسكيرها






وكانت مع أم كلثوم الخطب الرنانة والكلمات الجوفاء هي الأخري مسكرة ، فقد جعلت من قائلها بل جعلت منا جميعا من يقول أنا جدع


ومازالت تتردد مقولة أنا جدع ومازالت تصطك آذننا حتي أفقنا جميعا علي نكسة 1967 عندها أفقنا أننا كنا سكاري


سكاري بأم كلثوم وسكاري بخطب الزعيم






وتلاشت أصداء أم كلثوم كأفيون تتعاطاه الشعوب فلم يعد يسكر عليها أحد الآن وأخترع مخدر آخر ألا وهو الكرة


فالكرة كرة القدم اليوم هي أفيون الشعوب الذي تتعاطاه الشعوب فرحة حتي تصل إلي حد النشوة فتنسي حياتها ومشاغلها وهموها وتفقد الوعي







ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات

شركاء في التغيير

مروا من هنا

Blog Archive

قائمة المدونات الإلكترونية