3- مراعاة النواميس والقوانين:
من يعمل العمل وهو عالم بالنواميس والقوانين التي وضعها الله يصيب البركة لا محالة ، إذ الخذلان وقلة التوفيق ينشأ عن السعي في غير الدرب المقصود ، فمن سلك الدرب الموصل للمقصود وصل لا محالة ، وهنا أقول استطراداً إن عمل التيار الإسلامي لإحداث التغيير تأخر وسيتأخر طالما لا نراعي تلك السنن والنواميس ، فمن العجب حين تنظر إلي رجالات الدعوات جميعها سلفيها وخلفيها قديمها وحديثها تجدهم يتكلمون عن التغيير دون إهتمام بتلك النفوس التي يريدون تغييرها ، لا يعلمون شيئاً عن سنن الاجتماع وأسرار تغير وتطور الأمم ، لا يعلمون شيئاً عن خصائص وخصوصية كل بيئة وكل شعب ، لا يعلمون شيئاً عن الاوقات الملائمة والمنعطفات التي تحدث في تاريخ الأمم أثناء التغيير أو كي تتغير ، لا يعرفون شيئاً عن علم النفس والبواعث والمحركات التي تحرك الافراد والشعوب والأمم
ولا تجد في المكتبات الاسلامية من جلس يتأمل ويفكر يبحث ويمحص ، ليخرج علينا بتلك السنن والنواميس التي تصف لنا طريقة الخروج من التيه ، في حين تجد الآف الكتب والمصنفات والشرائط والمحاضرات التي تتكلم عن قضايا إذا علمنا سنن التغيير التزم الناس بتلك القضايا ومارسوا تلك الشعائر بلا جهد يذكر
فهناك في مكتبتنا الكتب التي تتكلم عن الحجاب في أكثر من ثلاث مجلدات ، ناهيك عن الحوارات الآثمة التي يطلقها أدعياء الباطل جند الشيطان المشككين في كلام الله ورسوله
فكم كتاب كتب في معني الحياة ، معني الحياة في ظل الاسلام وتحت رايته ، كيف نقيم دولة الاسلام في قلوبنا قبل أن نقيمها علي أرض الواقع ، كم كتاب كتب في سنن التغيير ، وطبائع الشعوب ونواميس الكون ، وخصائص وخصوصيات الأمم ، إن الدعوات التي خرجت في مصر علي سبيل المثال تريد تغيره وجعله واحة إسلامية بكل ما في الكلمة من جمال ، لم تدرس خصائص المواطن المصري وطرق تفكيره وسبل تعبيره ، لم تتعرض لخصوصية البيئة وعامل الزمن
لم تدرس شيئ يعينها علي ذلك وبالتالي لم تسر في الطريق المرصود لعملية التغيير ، لك أن تعجب حديثنا هذا عن تلك الدعوات وهؤلاء الدعاة ، حين تعلم أن الشافعي غير من مذهبه الفقهي حين دخل مصر ، فمصر تعني الكثير ، تعني مقطوعة منفردة من العزف يجب علي كل من يحاول إحداث أثر فيها أن يعرف كيف يعزف علي أوتارها وحدها ، فلا يكفي الكلام العام وإنكار خصوصية مصر وخصوصية المصريين ، فهنا شعب موجود من أقدم التاريخ يخزن في مورثوه الجيني تاريخ أقدم حضارة عرفتها الأرض ، هذا الرجل العادي الذي يحمل في شيفرته الوراثية مخزون أقدم وأعرق الحضارات ، مع مامر به من تحول جيني من مصريته إلي عروبته ومن فرعونيته إلي إسلاميته لم يتخلي عن خصائصه ، إهمال تلك الخصائص والخصوصية يجعلنا ننفخ في قربة مقطوعة
فالمصري صبور وليس غبي ،أو جبان ، تلك مسألة مهمة ، فالصبر أحياناً يبدو علي إنه غباءاً أو جبناً ، والمصري ليس جباناً ولا غبياً ولكنه صبور ، إهمال معني تلك الخصوصيات يأخر عملية التغيير
في الوقت الذي تسمو فيه أنفسنا إلي قيادة الأرض تحت راية الاسلام وبسواعد وعقول وأفئدة مصرية علينا الأخذ بالنواميس والقوانين والسنن
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات