الخميس، 7 أكتوبر 2010

النرجسية

تحكي الاسطورة عن نارسيس (نرجس)
ذلك الشاب الجميل الذي اعتاد أن يذهب كل يوم ليتملي من حسن صورته علي صفحة مياه البحيرة ، كان يستغرق في تأمل صورته بافتتان إلي أن سقط ذات يوم في البحيرة وغرق ، وفي المكان الذي سقط فيه نبتت الزهرة التي نعرفها باسم النرجس.
وتقول الاسطورة عندما مات نرجس جاءت حوريات الغابات إلي ضفاف تلك البحيرة العذبة المياه فوجدنها قد تحولت إلي مستودع لدموع مالحة
سألتها حوريات الغابات : لم تبكين ؟
فردت البحيرة : أبكي علي نرجس.






عندئذ قلن : ذلك لا يدهشنا ، لقد كنا جميعا نتعقبه في الغابات ، أما أنت فكنت الوحيدة التي أمكنها أن تتملي من جماله عن قرب.
فسألتهن البحيرة : إذن فهل كان نرجس جميلاً؟
ردت حوريات الغابات في دهشة : ومن يسعها أن تعرف  ذلك أفضل منك ؟ إنما علي ضفافك أنت كان ينحني كل يوم !
سكتت البحيرة هنيهة ثم قالت :
إني أبكي علي نرجس ، غير أني لم أنتبه قط إلي أن نرجس كان جميلا ، أنا أبكي علي نرجس لأنه في كل مرة كان ينحني فوق ضفتي ، كنت أستطيع أن أري في عمق عينيه طيف جمالي !
انتهت الأسطورة
هل انتهت الاسطورة فعلا ؟؟؟
أشعر أنها لم تنتهي بل مازال داخل كل واحد فينا نرجس
النرجسية والافتتان بالذات وتمجيدها مرض فتاك أصابنا جميعا ونحن مازلنا داخل البيضة لم نخرج منها بعد نبحث عن أي أحد يشيد بنا ويمجدنا ويصفق ويهلل لنا  ماذا قدمنا وماذا فعلنا هل وقفنا نسأل أنفسنا
أقول لكم أننا لم نخرج بره البيضة بعد ، فمن يعلم أن ابن تيمية أسلم علي يديه رجل وهو ابن سبع سنين يعلم صدق ما أقول
ومن يعلم أن قيادة الجيوش الاسلامية كان يقودها من هو ابن 19 عشر عاما يعلم أيضا ذلك
ومن يعلم أن ابن حجر وهو في 19 من عمره كان يلقب بأمير المؤمنين في علم الحديث يعلم أيضا ذلك
ولحكاية ابن حجر معي قصة كنت في الصف الثاني الثانوي أي ابن 16 عام وفي يوم خارج المسجد أقبل أحد أساتذتنا ومعلمينا وقال لنا بصوت أجش شدوا حيلكوا ابن حجر كان أمير المؤمنين وهو عنده 19 سنة
قلت في نفسي ( وأنا عندي 16 سنة ) فاضل ثلاث سنوات لسه أمامنا فرصة وكنت فعلا أظن ذلك كنت استطيع قراءة مجلد في ثلاث أيام يعني ممكن أقرأ حوالي 120 كتاب في السنة يعني ممكن أقرأ 360 كتاب أو مجلد في ثلاث سنوات فظننت أن الأمر يخضع لتلك المعادلة
واليوم وبعد مرور أكثر من 22 سنة علي تلك القصة أين أنا وأين ابن حجر
ابن حجر أمير المؤمنين في الحديث
أما أنا فصعلوك يتمسح بالعلم وأهله لم أخرج بعد بره البيضه
النرجسية هي داءنا العضال لا نبحث عن العمل والجهد والكد والاجتهاد ، ونبحث عن تمجيد الذات وننصت للمداحين
لن تنال المجد حتي تقدم مثل ما قدم السابقون
جهد وعرق وصبر في ذلك ، لن تصير عالما بكتاب أو اثنين ، ولن تكون مجددا بفكرة أو اثنتين ، ولن تكون مبدعا بخاطرة أو خاطرتين 
إخواني في الله انتبهوا فأمامنا درب طويل لن نصمد فيه إذا ما تركنا مثل تلك الأدواء تنخر في عظامنا
إخواني في الله كان عمر عند موته رضي الله عنه وهو من هو مبشر بالجنة وخليفة ووزير للرسول صلي الله عليه وسلم ومحدث وملهم وكان ينزل القرآن موافقا لرأيه أظن أن عمر أنتم تعرفونه جيدا لا يحتاج إلي توصيف أو تعريف
ومع ذلك كان يقول المغرور من غررتموه يا عبد الله ابن عمر ضع خدي علي الارض عساه أن يرحمني ، ليتني كنت شعرة في جنب إمرئ مؤمن وهذا عند موته 
اللهم أنت تعرف ضعفنا وأمراضنا فاشفنا ونجنا وارحمنا واسترنا 
اللهم  يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا علي طاعتك واختم لنا بخير

هناك تعليق واحد:
Write التعليقات

شركاء في التغيير

مروا من هنا

Blog Archive

قائمة المدونات الإلكترونية