الأحد، 27 ديسمبر 2009

وماذا يفعل صوتك الضعيف ؟

وماذا يفعل صوتك الضعيف ؟


حين حمي الوطيس واحتد النقاش وتعالت الأصوات وعم الصخب وهرب السكون أراد أن يخرسني فقال لي يامسكين وماذا يفعل صوتك الضعيف؟


وماذا يفعل صوتك الضيف وسط آلاف من الأصوات العالية المغالية التي تملأ الدنيا ضجيجا وإن كانت من المعاني خالية


وماذا يفعل صوتك الضعيف وأنت تقف وسط الركام؟


وماذا يفعل صوتك الضعيف وكل من حولك نيام ؟

سكت برهة فظن أنه قد نال مني ، وراح يفتل شاربيه وسمعت في صدره نغم الفرحة وأناشيد النصر


ولكني لم أسكت إلا لأهجم هجمه حاسمة تكون له قاصمة تنتزع الشبهة من جذورها فيهوي الباطل بعدها هبوطاً مدوياً

قلت له إنكم لا تدركون فرق خطير بين الشرعي والقدري
قال الشرعي والقدري !
قلت نعم

هناك أمران يجب التفريق بينهما ، هما أمر الله الشرعي وأمره القدري


فقال لي أوضح ما تقول


قلت له الله عز وجل طلب منا أشياء علينا الامتثال بفعلها أو نهانا عن أشياء علينا الامتثال بتركها وهذا يسمي أمر الله الشرعي ، أي ما شرعه الله للعباد وارتضاه لهم دينا يدينون به وشرعة يتعبدون بها
ومع هذا هناك أمر آخر هو ما قدره الله عز وجل من إستجابة المستجيبين وعزوف العاصين عن الاستجابة والتسليم


فقد قدر الله أن هناك من سيطيع وهناك من سيعصي وتلك إذن مشيئته القدرية كما أن الأولي مشيئته الشرعية

فقال وماذا بعد ؟

قلت له حين قدر الله علينا الجهاد في سبيله وجعل الكلمة والقول والموقف مفردات من مفردات الجهاد إنما طلب منا وشرع لنا هذا الجهاد


أما ما قدره الله من نتائج لهذا الجهاد فليس لنا منه شيئ
قال لي أوضح ؟
قلت إليك المثال


طلب الله من إبراهيم عليه السلام أن يؤذن في الناس بالحج


أن يؤذن في الصحراء الجرداء


أن يؤذن بصوته الضعيف


فماذا فعل إبراهيم عليه السلام بصوته الضعيف؟


فعل الأمر الشرعي المطلوب منه ألا وهو الآذان بصوته الضعيف


أما نتيجة آذانه فتقع تحت الأمر القدري الذي ليس لإبراهيم عليه السلام ولا لغيره به شأن


ولقد قال النبي محمد صلي الله عليه وسلم" يأتي النبي ومعه الرهط ويأتي النبي و.... ويأتي النبي وليس معه أحد "


هذا النبي الذي يأتي يوم القيامة وليس معه أحد مستجيبا لدعوته


أي أنه لم يستجب له أحد قط في دعوته إلي الله

ماذا فعل بصوته الضعيف ، لقد استجاب للأمر الشرعي وبلغ دعوة الله لمن أرسل إليهم أما كونه لم يستجيب إليه أحد فهذا أمر الله القدري

أعني أنه حين يمنحني الله صوتاً ويطلب مني البلاغ فما علي إلا أن أستجيب وأبلغ ، أما كون صوتي ضعيفا أو كون الناس في ثبات عميق


فليس هذا مما يُأخرني عن البلاغ ويقعدني عنه

فجلوس الناس علي الأرائك متلمظين بشفاههم الغليظة أقوال السخرية والتسبيط تاركين الأمة تهوي تاركين المنكر يعلو تاركين المفسدين يمرحون ويسرحون هذا كله تخلف عن الاستجابة للأمر الشرعي


محتجين بحجة واهية ألا وهي أن الناس لن يستجيبوا ولن يتغيروا
ليس لك من الأمر شئ ، فكل ما عليك فعله أن تحرك تلك الأحبال الصوتيه فيخرج صوتك الضعيف هذا ما أراده الله منك أن تتكلم أن تنكر أن تغير أن تصرخ ولو بصوت ضعيف

هذا ما يفعله صوتي وصوتك الضعيف .



هناك تعليقان (2):
Write التعليقات

شركاء في التغيير

مروا من هنا

Blog Archive

قائمة المدونات الإلكترونية