الاثنين، 25 أغسطس 2008

غائب طال إنتظاره


( أتى رمضان مزرعة العباد ... لتطهير القلوب من الفساد )

( فأد حقوقه قولا و فعلا ... و زادك فاتخذه للمعاد )

( فمن زرع الحبوب و ما سقاها ... تأوه نادما يوم الحصاد )

يا من طالت غيبته عنا قد قربت أيام المصالحة يا من دامت خسارته قد أقبلت أيام التجارة الرابحة من لم يربح في هذا الشهر ففي أي وقت يربح من لم يقرب فيه من مولاه فهو على بعده لا يربح

( أناس أعرضوا عنا ... بلا جرم و لا معنى )

( أساؤا ظنهم فينا ... فهلا أحسنوا الظنا )

( فإن عادوا لنا عدنا ... و إن خانوا فما خنا )

( فإن كانوا قد استغنوا ... فإنا عنهم أغنا )

كم ينادي حي على الفلاح و أنت خاسر كم تدعى إلى الصلاح و أنت على الفساد مثابر

( إذا رمضان أتى مقبلا ... فاقبل فبالخير يستقبل )

( لعلك تخطئه قابلا ... و تأتي بعذر فلا يقبل )

كم ممن أمل أن يصوم هذا الشهر فخانه أمله فصار قبله إلى ظلمة القبر كم من مستقبل يوما لا يستكمله و مؤمل غدا لا يدركه إنكم لو أبصرتم الأجل و مسيره لأبغضتم الأمل و غروره

خطب عمر بن عبد العزيز آخر خطبة خطبها فقال فيها : إنكم لم تخلقوا عبثا و لن تتركوا سدى و إن لكم معادا ينزل الله فيه للفصل بين عباده فقد خاب و خسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء و حرم جنة عرضها السموات و الأرض ألا ترون إنكم في أسلاب الهالكين و سيرتها بعدكم الباقون كذلك حتى ترد إلى خير الوارثين و في كل يوم تشيعون غاديا و رائحا إلى الله قد قضى نحبه و انقضى أجله فتودعونه و تدعونه في صدع من الأرض غير موسد و لا ممهد قد خلع الأسباب و فارق الأحباب و سكن التراب و واجه الحساب غنيا عما خلف فقيرا إلى ما أسلف فاتقوا الله عباد الله قبل نزول الموت و انقضاء مواقيته و إني لأقول لكم هذه المقالة و ما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما أعلم عندي و لكن أستغفر الله و أتوب إليه ثم رفع طرف ردائه و بكى حتى شهق ثم نزل فما عاد إلى المنبر بعدها حتى مات رحمة الله عليه

( يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب ... حتى عصى ربه في شهر شعبان )

( لقد أظلك شهر الصوم بعدهما ... فلا تصيره أيضا شهر عصيان )

( و اتل القرآن و سبح فيه مجتهدا ... فإنه شهر تسبيح و قرآن )

( فاحمل على جسد ترجو النجاة له ... فسوف تضرم أجساد بنيران )

( كم كنت تعرف ممن صام في سلف ... من بين أهل و جيران و إخوان )

( أفناهم الموت و استبقاك بعدهم ... حيا فما أقرب القاصي من الداني )

( و معجب بثياب العيد يقطعها ... فأصبحت في غد أثواب أكفان )

( حتى يعمر الإنسان مسكنه ... مصير مسكنه قبر لإنسان )
لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي

ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات

شركاء في التغيير

مروا من هنا

Blog Archive

قائمة المدونات الإلكترونية