الثلاثاء، 17 فبراير 2009

ثلاث في قطار

ثلاثة ملتحين في قطار

ركبت القطار 930 المتوجه إلي القاهرة

وجدت نفسي بجورا رجل كبير السن يبدو عليه فوق الخمسين تقريباً وملتحي

وبعد بضع دقائق مر من أمامي شاب حوالي 24 سنة مهندس وملتحي
بقينا ثلاثة في نفس العربة

أما المهندس ال24 سنة فسلم علي إذ كنا تعرفنا في مرة سابقة وكان بيده كتاب فسألته ما اسم الكتاب الذي يقرأه اليوم فكان كتاب لعبد الوهاب المسيري
وأنا كنت بقرأ في كتاب تحول السلطة لألفين توفلر
والرجل الذي كان بجواري كان يقرأ في المصحف

فكرت لبرهة من الوقت علي هذه المفارقة ، وأخذت أتأمل فيها ، هل نحن نمثل ثلاث أجيال ثلاث أفكار ، أم ماذا نحن نمثل
بعد وصول القطار لمحطة القاهرة قابلت الشاب علي الرصيف وأخذنا ندردش شوية
كانت لي ملاحظة غريبة أشعر بأن بيني وبينه حائط من الزجاج لا يستطيع أن يسمعني ، أو لا يستطيع أن يسمع ما أقول
وفي نفس الوقت كان يتحدث بطريقة لا أحبها في النقاش
لم أتبين السبب ولم أعرفه ولكني وضعت تصور هلامي للأسباب
اليوم بعدما أخذت شور ( حمام دافئ) وصبيت لي كوب من الشاي قررت أقرأ في كتاب عبد الوهاب المسيري رحلتي الفكرية وهو كتاب ممتع كنت بدأت القراءة فيه ولكني وصلت لصفحة 170 وإنقطعت عن إكماله
بعد 10 أو 15 صفحة تبينت لماذا كان الشاب لايستطيع أن يسمعني
لماذا حائط الزجاج ، وما هو حائط الزجاج الذي كان بيني وبينه في النقاش
إنه لا يقرأ حالياً إلا لعبد الوهاب المسيري ، وهو أستاذه المفضل وهو شديد الإعجاب به
ليست هذه هي المشكلة ، بل المشكلة أن المسيري له أسلوب في الكتابة والنقاش ( قال إنه يقاومه ويتخلص منه سماه الذئب الهيجلي المعرفي ) يكثر فيه المصطلحات والاشكليات والنظريات والمجردات والتعميمات و....
وهذا أسلوب لا أحبه بل أمقته إذ يضعني في صندوق ويحبس عني الهواء ، إذ أنا رجل أعيش في واقع حي ديناميكي لا يعجبني أن نتباحث ونتفلسف في أشياء لا ينبني عليها عمل في الواقع وليس لها أثر بل هي مجرد مناقشات وفلسفات لا أعني أن هذا هو كلام المسيري ،
ولكنه أسلوب ممقوت كان حجر عثرة ومازال في وجه كثير من علمائنا ، إقرأ ما شئت من كتب الأصول أعني أصول الفقه تجد كثير من المباحث التي لايؤدي النقاش فيها إلا إلي تضيع الزمان وتشتيت الأذهان ، بل هناك كثير من هذا في علم العقيدة والتوحيد
وهنا أستعظمت الخطر واستشعرته ، وهو أن من تجعله أستاذك تأخذ عنه يخط في حياتك الفكرية خطوطا تصبغ عقلك وفكرك وروحك بها ، فإن كان هذا الأستاذ من العباقرة والعظماء أخذك إلي سماء رحبة وأشرب نفسك حقيقة العلم وساعدك علي العمل بما تعلمت
وإلا كنت أسير جدل أشبه بالجدل البيزنطي
هو أبعد ما يكون لا أقول عن روح الإسلام وحياة السلف بل هو أبعد ما يكون عن روح الحياة
لذا يجب علي كل قاريئ أن يختار بعناية وحرص ما يقرأ ولمن يقرأ ، خاصة من يجعله أستاذا يتبني منهجه ونظرته
كما أنه الكتب الأولي التي تشكل بدايات الخريطة العصبية لمخك ، وتحدد العناصر الاساسية لكيمياء دماغك ، يجب أن يكونوا علي قدر هذه المهمة
وإني أوصي بإصرار بثلاث قمم من قمم الإسلام عليك البدء بهم ثم إقرأ بعد ذلك ما شئت
ابن تيمية
ابن عثيمين
بكر ابن عبد الله أبو زيدوالله المستعان

ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات

شركاء في التغيير

مروا من هنا

Blog Archive

قائمة المدونات الإلكترونية