كذب بكذب
" عن محمد بن بشير ، قال : كان والٍ بفارس قد احتجب بجهده إذ نجم شاعر بين يديه ، فأنشده شعراً مدحه فيه ، فلما فرغ ، قال : قد أحسنت ، ثم أقبل علي كاتبه ، فقال : أعطه عشرة آلاف درهم ، . قال : ففرح الشاعر فرحاً كاد أن يستطير به ، فلما رأي حاله ، قال : وإني لأري هذا القول قد وقع منك هذا الموقع يافلان إجعلها عشرين ألف درهم. قال : فكاد الشاعر أن يخرج من جلده ، قال : فلما رأي فرحه قد أضعف، قال : وإن فرحك ليتضاعف علي تضاعف القول ، يا فلان إعطه أربعين ألف درهم ، قال : فكاد الفرح يقتله . قال :فلما رجعت نفسه إليه ، قال : جعلت فداك كلما رأيتني قد ازددت فرحاً تزيدني في الجائزة ؟ قال : ثم دعا وخرج . قال : فأقبل عليه كاتبه ، فقال : سبحان الله هذا يرضي منك بأربعين درهماً ، تأمر له بأربعين ألف درهم ؟ قال : وتريد أن تعطيه شيئاً ، إنما هذا رجل سرنا بكلام ، وسررناه بمثله ، فهو حين يزعم أني أحسن من القمر ، وأشد من الأسد ، وأن لساني أقطع من السيف ، جعل في يدي من هذا شيئاً أرجع به ، أليس يعلم أنه قد كذب ، ولكن قد سرنا حين كذب علينا ، فنحن أيضاً نسره بالقول ، وإن كان كاذباً ، فيكون كذباً بكذب "
" عن محمد بن بشير ، قال : كان والٍ بفارس قد احتجب بجهده إذ نجم شاعر بين يديه ، فأنشده شعراً مدحه فيه ، فلما فرغ ، قال : قد أحسنت ، ثم أقبل علي كاتبه ، فقال : أعطه عشرة آلاف درهم ، . قال : ففرح الشاعر فرحاً كاد أن يستطير به ، فلما رأي حاله ، قال : وإني لأري هذا القول قد وقع منك هذا الموقع يافلان إجعلها عشرين ألف درهم. قال : فكاد الشاعر أن يخرج من جلده ، قال : فلما رأي فرحه قد أضعف، قال : وإن فرحك ليتضاعف علي تضاعف القول ، يا فلان إعطه أربعين ألف درهم ، قال : فكاد الفرح يقتله . قال :فلما رجعت نفسه إليه ، قال : جعلت فداك كلما رأيتني قد ازددت فرحاً تزيدني في الجائزة ؟ قال : ثم دعا وخرج . قال : فأقبل عليه كاتبه ، فقال : سبحان الله هذا يرضي منك بأربعين درهماً ، تأمر له بأربعين ألف درهم ؟ قال : وتريد أن تعطيه شيئاً ، إنما هذا رجل سرنا بكلام ، وسررناه بمثله ، فهو حين يزعم أني أحسن من القمر ، وأشد من الأسد ، وأن لساني أقطع من السيف ، جعل في يدي من هذا شيئاً أرجع به ، أليس يعلم أنه قد كذب ، ولكن قد سرنا حين كذب علينا ، فنحن أيضاً نسره بالقول ، وإن كان كاذباً ، فيكون كذباً بكذب "
من كتاب قصص العرب
..........
تعليق
...........
لقد أثارت القصة أشجان كثيرة ، فهل علي المرء أن يكتب مايريد أن يسمعه الناس ، أم أن المرء عليه أن يكتب ويقول مايراه صواباً ، سواء أعجب الناس أم لم يعجبهم
نعم يتلطف في القول فهذا جزء من واجبه ،ولكنه لا يترك الحقيقة تغرق في بحار الأهواء
فنحن لدينا وضعا ً سيئاً نعيشه ونعاني منه ، وفي هذا الوضع وفي تلك الحال هل عدمت الأمة المتحدثين والخطباء والمتكلمين والكتاب ، لا لم تعدمهم ، بل هم اليوم كثير
ولكن حين يمر الزمان دون تقدم أو تغيير فحينها نعلم إنما كنا نكذب علي بعض ، لقد كذب علينا الكتاب وكذبنا في الثناء عليهم ومضي الزمان ولم يعد يتذكر كثير من الكتاب الذين كانوا معنا بالأمس
ويقول جان بول سارتر
" من الكتاب فريق هو أكثرهم عدداً يزودون بمصنع من أسلحة الحيلة أي قارئ يريد أن يستمرئ نوم الراحة "
" من الكتاب فريق هو أكثرهم عدداً يزودون بمصنع من أسلحة الحيلة أي قارئ يريد أن يستمرئ نوم الراحة "
أما حين يصدق الكاتب في كلماته فعندها تتغير النفوس وتشرع في البناء ، عندها يتغير الواقع ، وهذا هو المراد
ما عاد يكفينا الطرب والتصفيق ، علينا العمل
وما أجمل قول الخطيب البغدادي " العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا أرتحل "
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات