الثلاثاء، 24 مارس 2009

خواطر حول التغيير

خواطر حول التغيير

ها قد اقتربت من إنهاء كتاب قضايا التربية الفنية ، وما إن وصلت إلي تلك النقطة حتي وجدت أن المشكلة هي هي
أن الحرب علي التقليد ومحاولة النهوض هي هي ، في ميادين شتي
فلقد وجدتها في الفن كما وجدتها في الأدب ، كما هي في العلوم التجريبية والعلوم الشرعية ، كما هي في أسلوب الحياة

لذا أحببت أن أتكلم عن عملية التغيير وماهيتها، مع إختلاف مجالاتها

التغيير في رأيي يمر بمراحل أربعة

وهي:

أولاً التحفيز :

التحفيز علي التغيير ، فلن يحدث تغيير بدون تحفيز عليه إذ النفس تميل إلا ما ألفت من عادات ، مع علمها بأن هذه العادات مهلكة ، هذا ماعليه النفس الركون إلي الدعة والكسل والراحة مستمرأة العيش في ذيل الحضارة وفي نفايات التاريخ عن الحركة والجهد الناتج عن محاولة التغيير

ومن التحفيز رفض الوضع الراهن بما عليه ، فمن رضي بالحياة كما هي الآن أني له أن يتغير أو يغير
ومن التحفيز ، إدراك حقيقتنا كما هي عليه نحن أبناء أمة الإسلام ، فنحن الوحيدين علي ظهر الأرض الذي لديهم المنهج المعصوم الذي يمثل آخر رسالات السماء إلي أهل الأرض ، فنحن خلقنا لريادة الأرض وقيادتها ، قال الله تعالي : " كنتم خير أمة أُخرجت للناس" فنحن خير الأمم علي الإطلاق فلدينا للبشرية رسالة نحملها علي عاتقنا


ومن التحفيز التخلص من القناعات المثبطة التي يورثها الأباء إلي أبنائهم ، ومن التحفيز كسر هذا السجن المفروض علي عقول الأمة ،
فأول خطوة علي طريق التغيير هي التحفيز
ولكن يجب علينا الانتباه جيداً
أن المحفز دوره التحفيز ، فكثير منا ينتظر ممن يحفزه أن يعطيه خارطة طريق للمجد والتقدم والنهضة ، وكيف له ذلك

خرجت منذ سنوات أفواج شتي من دعاة ، و رواد للتنمية البشرية ، وقذفوا بأحجار في تلك المياه الراكده ، فأحدثت حركة
وهذا رائع وجميل جداً ، ولكن التغيير لا يتوقف فقط علي التحفيز فنحتاج إلي الخطوة الثانية وهي:

ثانياً المنهج :


وهذه نقطة شديدة الخطورة فرواد المرحلة الأولي من عملية التغيير وقفوا عند ساحل التغيير ولم يدركوا أنهم علي ساحل بحر عميق متلاطم الأمواج ولابد للأمة من خوضه ، ولابد كي نخوضه من خريطة ومنهج ، فلا يكفي هنا التحفيز فقط

لذا نجد حركة الدعاة التي دعت للتغيير اليوم واقفة محلك سر ، لا تتقدم قيد أنملة ، تحافظ علي الصيحة التي أطلقتها منذ سنوات ، وذلك انها لم تمتلك منهج ورؤية واضحة وخطة جيدة للتغيير ، حتي أنك تسمع من يثير حماس الشباب ويدعوهم إلي زراعة سطوح المنازل
هل هذا التغيير الذي ينشدوه ؟؟؟؟

وقبل أن نتكلم عن المنهج يجب ونحن نسير في رحلتنا إلي إعادة سالف مجدنا أن نذكر في كل مرحلة ،فضل أهلها ودورهم ، ولا يشترط أن يقف رجل واحد او مجموعة من الرجال في كل المراحل ، فالأمر أكبر من ذلك

فالأمة مكبلة بقيود من حديد ، فمن يأتي اليوم ويفك القيد فله من خير الشكر والثناء ، ولكن عليه أن ينتبه وعلينا أيضاً أن ننتبه أن لا يقيدنا هو بقيود جديدة من عنده ، يكسر أساور الحديد التي كانت تلتف حول أيدينا وأرجلنا وأعناقنا ثم يقيدنا بأساور من ذهب ، نعم لها بريق ولمعان ولكنها أيضاً قيود تحد من حركتنا في عملية التغيير

فلكل داعية وكل مصلح حرر قيود الماضي له منا خير الشكر والثناء وندعوا الله أن يجزل له العطاء

مادام قد كسر القيد وترك الناس تجتهد في باقي مراحل التغيير
فمن يستطع أن يطير فعليه الطيران ، ومن يجيد السباحة فعليه السباحة والغوص ، ومن لايسعه إلا الركض فعليه الركض
تلك يجب أن تكون حال الأمة بعد كسر القيود


فمن المنهج ما نقلته عن أمين الخولي في كتابه الرائع فن القول
فأمين الخولي قد وضع خطة لتغيير البلاغة وما أدراك ما البلاغة ،

ومن المنهج ما بذله ابن عثيمين من شرح وتقريب لمعظم العلوم الشرعية ، وإن كان جهد ابن عثيمين رحمه الله يحتاج إلي تكميل وإتمام ، كما يحتاج مجهود أمين الخولي إلي إكمال وإتمام

ومن المنهج ما أحاول إستخلاصة بدراستي الحالية للفن والتربية والجمال ، محاولاً إستخلاص طريقة يصلح تعميمها في شتي المجالات

ومن المنهج تلك المدونة التي أحاول فيها أن أرسم صورة حية تفاعلية مع الواقع بكل مواقفه ، وأن أطرح فيه أسلوب حياة يتوافق مع ما نصبو إليه

فإذا ما وجدنا المنهج هنا حان الخطوة الثالثة من خطوات التغيير وهي:

ثالثاً : مجالات التغيير


نعم التغيير له مجالات شتي ، فعند معرفة الخطة والمنهج في التغيير ، وجب عليك أن تبحث في نفسك وفي ملكاتك ، في أي المجالات تنبغ ، وكيف تحدث فيها التغيير المنشود

من أخطاء الدعاة في المرحلة المنصرمة هي حصر التغيير في العبادة ، و إختزال القضية في علاقة العبد بربه من صلاة وصيام وغيره
فالتغيير نحتاجه في الفقه ، فالفقه الذي لدينا اليوم لم يعد يفي بحاجات البشرية ، وأعني بالفقه كلام الفقهاء وطريقتهم في التصنيف والمعالجة

وكذا تحتاج أصول الفقه إلي تحرير لقواعدها من هذا الغثاء الذي ملأ كلام الأصوليين الذي لم نكن نحتاجه بالأمس ولن نحتاجه اليوم أو غداً

وكذا علم العقيدة والتوحيد يحتاج إلي إعادة نظر في مقرراته التي يتلقاها الناس اليوم ، فلقد خاض سلفنا رضي الله عنهم حروب طاحنة للمحافظة علي العقيدة الإسلامية بيضاء نقية لا تشوبها شائبة ، ومن عجز هذا الجيل أن يدرس تلك الحروب ويتعلم علي تكتيكاتها واستراتيجيتها ثم لا يواجه الواقع مستفيداً من ذلك ، لا إنهم يخوضون نفس الحروب
لقد انتهت بعض هذه الحروب وعلينا أن نخوض حروب عصرنا نحن

علينا نخوض معاركنا لا معارك السلف رضي الله عنهم ، مسترشدينا بخطتهم ومنهجهم

وكذا يحتاج البيان والأدب إلي تغيير
وكذا يحتاج الفن بشتي مجالاته إلي تغيير
يحتاج العلم التجريبي ودراسته إلي تغيير
فالواقع كله يحتاج إلي تغيير

ولكن لنتبه حين أتحدث عن مجالات التغيير ، يجب أن ندرك أن تلك المرحلة ومجالات التغيير تحتاج إلي مبدعين

فبعض أهل العلم والفضل يريد أن يبذل مجهوداً في عملية التغيير ، فيذهب في دراسات أكاديمية لا تغني ولا تسمن من جوع
نحن نحتاج إلي مبدعين ورواد في شتي المجالات
العجيب أن الجيش الأكاديمي موجو د والدراسات الأكاديمية موجودة
لكن من نحتاج إليهم هؤلاء العباقرة الذين يخطون في الأرض علامات تسير عليها جهود الأكاديمين



فإذا وجد كل مبدع ومجتهد ضالته إذ وجد مجاله الذي يخوضه هنا نحتاج إلي الخطوة الرابعة من خطوات التغيير ألا وهي:


رابعاً الدعم :


فالدعم واجب لكل مجتهد في مجاله كي يثمر ويأتي أُكله ، فالتغيير وإن كان يقوده أفراد قلائل يشقون طرقه ويمهدون سبيله ولكننا نحتاج إلي جيوش جرارة في كل واد من أودية التغيير وكل مجال من مجالاته

والدعم وسائله شتي ومنها :
الدعم المباشر ببذل الجهد المضني في نفس السبيل
ومنها الدعم المعنوي بالشد علي أيدي هؤلاء العباقرة حتي يكملوا المسير
ومنها نشر كلامهم والدعوة إليه
ومنها الدعم المادي وتوفير كل مقومات النجاح في كل المجالات
ومنها الدعم بالنصح والإرشاد

فكل من استبان له طريق وجب عليه المسير فيه ، والدعوة إليه
هذا سبيلنا للتغيير

هناك شبه تنتاب كثير من القلوب الراغبة في التغيير ، وهي أنها تريد الدعم أولاً ، وفي الواقع لا يأتي الدعم إلا بعد بذل الجهد ، فعلي كل راغب في نصرة أمته بذل ما يستطيع من جهد لنصرتها عندها يأتيه الدعم والمدد ، تلك سنة مقضية

اللهم هذه قلوبنا بين يديك فثبتها علي دينك ونصرته

هناك تعليق واحد:
Write التعليقات

شركاء في التغيير

مروا من هنا

Blog Archive

قائمة المدونات الإلكترونية